أزمة تلد همّة

فنيدس بن بلة
01 جانفي 2019

استقبل سوق البترول السنة الميلادية الجديدة 2019، بارتفاع طفيف في الأسعار بنحو 1 بالمائة في التعاملات المبكرة مساهمة في زيادة العقود الآجلة لخام برنت الذي قفز إلى سقف 53,95 دولارا، مؤكدة ما ذكر به الخبراء وأهل الاختصاص في تحاليل ودراسات استشرافية وأراء بعضها سجلتها جريدة «الشعب» في ملفات وصفحات خاصة. ويعود بنا هذا الكلام إلى إبراز أهمية مكانة الخبراء في رسم السياسات الوطنية ومساهماتهم المجدية في ضبط الأولويات وترتيبها في محيط مليء بالمتغيرات والطوارئ. وهي متغيرات أخذتها الجزائر بعين الاعتبار مشددة منذ انهيار أسعار المحروقات على الواقعية والرشادة في النفقات وتسيير المشاريع بأقصى درجة الحذر والحيطة بعيدا عن الإسراف والتسيب.
أكد على هذا الطرح رئيس الجمهورية في مختلف المراحل وشدد عليها خلال السنة المنقضية، موضحا الضرورة الحتمية في اعتماد المشاريع ومراجعة تصنيفها وأولوياتها حسب درجة الاستحقاق والإمكانيات  التي توفرها الخزينة العمومية. وكانت هذه السياسة المبنية على بعد النظر والاستشراف ذات جدوى كبيرة باعتراف المنظمات الدولية لا سيما مؤسسات «بروتون وودز» المعروفة  بحرصها على تدقيق الحسابات والأرقام وإملاءاتها في الابتعاد قدر الممكن عن دعم القطاعات وتجاوز كل ما هو اجتماعي تراه حسب اعتقادها ابتزازا للأموال بلا وجه حق.
عكس هذا التوجه، في عز الأزمة والطارئ، ظلت الجزائر وفية لسياستها الاجتماعية ومسعاها الدؤوب لبلوغ غايات مسطرة منها تحقيق التنوع الاقتصادي المساعد على جلب إيرادات ثابتة مؤمنة غير إيرادات الريع البترولي، فارضة خيارها في الميدان مثلما توضحه تقارير قطاعية وتبرزه مؤشرات قانون المالية وتوجهاته. وهو قانون خال من أي إجراء جبائي وضريبي ، يعزز الاستثمار  ويمنحه حق قدره من العناية والرعاية باعتباره مخرج النجاة الأبدي من وضع مختل وظرف لا زال النفط يسيطر عليه ويوجهه.
سارت الجزائر حسب خارطة طريق اعتمدتها واضعة نصب الأعين النجاعة الاقتصادية المالية وعدم ترك الأمور تفلت من الأيدي إلى حد تصبح فيه السيادة الوطنية محل ابتزاز ومساومة وما تفتحه من خطورة على الاستقرار الوطني محذرة من تكرار تجربة العشرية السوداء رافضة العودة إليها مهما كانت التضحية.
ارتفاع سعر البترول ورغم قلته القليلة في السنة الجديدة نراه مؤشرا إيجابيا في تزايد مداخيل الجزائر السامحة بتوظيف أموال ما أحوجنا إليها في انطلاق مشاريع لها شأن، وترفع الجمود عن أخرى ظلت حبيسة الظرف المالي الصعب وأسيرة له.
بفضل هذا التوجه تخوض البلاد تجربتها الخاصة مدركة أهميتها في تجاوز الأزمة بأقل الضرر وأقله خطورة. بل اتخذت من الوضع الصعب المنجر عن انهيار أسعار المحروقات محطة انطلاق نحو الأمام في مواصلة مسار البناء اعتمادا على المقدرات الذاتية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024