مسار متكامل في التسوية..

جمال أوكيلي
08 جانفي 2019

أكثر من شهر مرّ على «الطاولة المستديرة» بين جبهة البوليزاريو والقوة المحتلة للأراضي الصحراوية المغرب بإشراف المبعوث الأممي كوهلر وبحضور كل من الجزائر وموريتانيا دعما لمسار التسوية السياسية القائم على المفاوضات المباشرة الذي تعود آخر جلساته إلى ٢٠١٢ بمنهاست.. واستكمالا للإدارة الثابتة لدى القيادة الصحراوية في اختبار دائما الآخر مدى التزامه بالشرعية الدولية وبالخصوص تقرير مصير هذا الشعب القابع تحت نير استعمار غاشم منذ ٤٣ سنة.
وإن كانت التصريحات حول هذا الاجتماع شحيحة ماعدا تلك التي جاءت مباشرة عقب مجريات اللقاء والتي أبدى فيها كل طرف تمسّكه بالحوار، إلا أن كوهلر وعد الجميع بأن هناك جولة أخرى في غضون المواعيد القادمة بعد عرض حيثيات تقريره على مجلس الأمن وهذا ما ينتظره كل المعنيين.
وهذا يعني ضمنيا بأن هناك إجماعا لدى المشاركين في اتباع هذه الصيغة زيادة على أن المحطة القادمة ستكون مفتوحة على طرح عمق القضايا، لمعرفة التوجهات في المنطلقات المبدئية المتعلقة بالقضية الصحراوية خاصة تلك الصادرة عن المغرب الذي يبدي سكوتا مريبا في الوقت الراهن، لم نتعود عليه من قبل عندما تثار ما يدعيه بـ «الوحدة الترابية» وغيرها من الخزعبلات المسوقة زورا وبهتانا إلى الخارج.. منصبة إياها كفخ وقع فيه كل من سلك هذا الدرب الخاطىء بالرغم من إدراكهم الجيد بأن الحبل الكذب قصير.
والمغرب على علم بأن بداية المائدة المستديرة لن تكون على الشكل الأول و»عمق القضايا» نعني به تقرير مصير الشعب الصحراوي ولا شيء آخر تحت رعاية الأمم المتحدة والتاريخ يشهد بأن الملك حسن الثاني وافق على ذلك في ١٩٩١، تاريخ وقف إطلاق النار عندما انهار عساكره أمام الضربات الموجعة لطلائع جيش التحرير الصحراوي واستسلام الآلاف من عناصره دون خوض المعارك نكاية وردا على المخزن الذي أقحمهم في مستنقع لم يستطعوا الخروج منه إلى غاية الاستجداء بالصحراويين.
الوثائق موجودة وشاهدة على قبول المغرب بتنظيم الاستفتاء في أقرب الآجال غير أنه تنصّل وتهرّب، وأثار قضية إحصاء الصحراويين عندما أراد إغراق القوائم بالغرباء جيء بهم من عدة أماكن من هذا البلد على أساس أنهم صحراويون.
واشتد غيض المغرب واستشاط غضبا عندما أسندت مهمة فرز الأشخاص لشيوخ القبائل الصحراوية، الذين طهّروا القوائم من الدخلاء وأزاحوا منها كل المتسللين وأبقوها على عدد ٧٥ ألف صحرواي بدلا من ١٢٠ ألف التي تحدث عنها المغرب هكذا سقطت هذه الحجة المغرضة سقوطا حرّا. ومنذ ذلك التاريخ والمغرب في حالة الفرار السياسي إلى غاية يومنا هذا لا يعترف بالشرعية الدولية في هذا الشأن.
لذلك، فإن «المائدة المستديرة» لا تستمر على هذا المنوال وإنما سترتقي إلى مفاوضات جادة كون هناك بديهية تستند إلى أن ما يجري في الوقت الحاضر هو امتداد منطقي لما تمّ في السابق ولا يمكن أبدا الفصل بين المراحل أو إلغاء ما وقع في سياقات معلومة وموثقة توجد كل النسخ لدى الأمم المتحدة.
ولن يقبل أن يقلب العدّاد إلى الصفر وكأن شيئا لم يحدث طيلة ٤٣ سنة من الاحتلال، حذار من هذا الطرح الخبيث الذي يروّج له البعض من دعاة العدمية.. ليس هناك أي قطيعة في مسار التسوية ولسنا بصدد الحديث عن قضية أخرى ماعدا قضية الشعب الصحراوي العادلة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19482

العدد 19482

الثلاثاء 28 ماي 2024
العدد 19481

العدد 19481

الإثنين 27 ماي 2024
العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024
العدد 19479

العدد 19479

السبت 25 ماي 2024