هوية... بثلاث مكونات

فنيدس بن بلة
11 جانفي 2019

ثاني عام يحتفل فيه باليوم الوطني منذ قرار رئيس الجمهورية التاريخي بترسيم السنة الأمازيغية يناير عيدا وطنيا يحمل مدلوله السياسي، الثقافي والحضاري. وتعطى له قيمته المعرفية المستحقة من عامة الجزائريين الذين يشعرون بحرارة الانتماء لهوية ثلاثية الأبعاد والمنطلقات: الأمازيغية، العربية والإسلامية ويتقاسمون موروثا يحمل مضمون الأصالة والتمايز في كوكب الأرض تزحف عليه عولمة لا تعترف بالخصوصية وتفرض ثقافة القوي المتحكم في دواليب قيادة العالم المترامي الأطراف.
هذا ما اتضح من خلال النقاش المفتوح مع الدكتور محند ارزقي فراد في «ضيف الشعب» حول يناير، الماضي الحاضر والمستقبل. وتساؤل عن كيف صار مصدر اللحمة والهوية بعد الإصلاحات السياسية في الجزائر وإرادة سياسية من قمة الهرم السياسي لترقية البعد الأمازيغي للهوية الجزائرية واستكمال معادلة الانتماء الوطني وتوازنها واستقرارها الأبدي منهيا الجدل العقيم لعقود من الزمن واضعا حدا لأي متاجرة بهذا الملف وادعاء أي طرف انه أحق بالانتساب إليه ومحاولة إقصاء ما تبقى من الجزائريين، كاشفا أن يناير ملك مشترك لكافة مكونات المجتمع وأن الأمازيغية التي اعتمدت لغة وطنية تضفي عامل قوة ومتانة للهوية وتكرس تعددية في إطار وحدة تعد خطا أحمر.
جاء الاعتراف بيناير الذي يحتفل به الجزائريون عبر العصور تتويجا لباكورة إصلاحات سياسية مدرجة في سياق تعزيز دولة المؤسسات والديمقراطية حيث يشعر من خلاله كل جزائري بالمواطنة غير المنقوصة ويدرك كم هو أريح الانتماء لوطن متعدد اللسان ثري الحضارة وعريقها قوي اللحمة والجبهة غير السامحة بالاختراق والتطاول والمضاربة.
الاعتراف بيناير الذي جاء مرفوقا بتدابير أخرى تمثل الوجه الآخر لرص الصف المتمثل في ترقية اللغة الأمازيغية لوضع حد لحملات طويلة وممارسات حاولت قدر الممكن «استعمال هذا الملف إيديولوجيا «ورقة ابتزاز وتهديد للتلاحم الوطني بالضرب على وتر «التفكك» وترديد مفاهيم لم تجد مكانة لها في الجزائر التي قامت على أسس التسامح والتعايش على مدار 14 قرنا.
الاعتراف بيناير المعزز بتدابير ترقية الأمازيغية وتعميم استعمالها وإنشاء أكاديمية ومحافظة سامية لهي خطوة شجاعة ضمن الإصلاحات الشاملة اعتمدتها الجزائر  بقرار سيادي وبعد نظر وتأمل. هو مسعى إضافي لدعم الوحدة الوطنية برموزها وثوابتها ومنطلقاتها لسد المنافذ في وجه أطراف متطرفة متشبعة بإيديولوجية تعارض التعايش لحسابات ضيقة  تجاوزها الزمن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024