كلمة العدد

نصف قرن ضمن «أوبك»

سعيد بن عياد
19 جانفي 2019

تحيي الجزائر هذه السنة خمسينية انضمامها إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» في ظرف تواجه فيه المنظمة تحديات تفرضها تقلبات أسواق المحروقات بفعل انهيار الأسعار بشكل يهدد الأمن المالي للبلدان المنتجة بما فيها تلك الأكبر إنتاجا.
منذ انخراطها في هذا التكتل والجزائر تعتبر طرفا فاعلا في تعزيز توازن السوق واستقرارها، من خلال التزامها بالمبادئ الجوهرية للمنظمة التي تأسست في سنة 1960، للدفاع عن مصالح المنتجين وفقا لمراعاة مصالح البلدان المستهلكة أيضا. خمسون سنة من المساهمة البناءة ضمن هذا المحفل الاقتصادي خاصة في أوج أزمات مر بها العالم، بسبب توترات جيوسياسية، أحيانا عنيفة، قادتها دول فاعلة في العلاقات الدولية فانعكست مباشرة على المشهد النفطي.
المحطة البارزة الأولى كانت سنة 1975 باحتضان اجتماع مصيري للمنظمة في وقت كان فيه العالم برمته على وقع الصدمة النفطية، التي أدت إليها حرب الشرق الأوسط الثانية، وأثمرت قرارا تاريخيا بتأكيد حق البلدان المنتجة في السيطرة على ثرواتها الطبيعية وأولها الذهب الأسود، وتوظيفها لفائدة الشعوب في مواجهة الفقر والجهل وكل ما خلفته القوى الاستعمارية خاصة في إفريقيا وآسيا.
للدبلوماسية الجزائرية ثقل مشهود له في صياغة خيارات «الأوبك» من أجل تجاوز أزمات سواء داخل المنظمة بين أعضائها أو حولها، وكان آخر إنجاز احتضان اجتماع سبتمبر 2016 الذي أسس لبناء اتفاق خفض الإنتاج لامتصاص الفائض وإعادة تصحيح مسار الأسعار بعد أن سجلت انهيارا صادما منذ منتصف 2014.
في هذا الإطار استطاعت أن تذيب الجليد بين البلدان الفاعلة بالرغم من عمق الخلافات، كما حصل بين السعودية وإيران، وإقناع أكبر البلدان المنتجة من خارجها، وهي روسيا، للانخراط في ديناميكية تصحيح السوق، وقد نوّهت البلدان الأعضاء بذلك الدور الذي يتواصل على مستوى أكثر من محطة. مثل هذا الأداء الدبلوماسي الاقتصادي بالمعايير الراقية، يحمل بوضوح بصمة الرئيس بوتفليقة الذي وضع معالم ورقة الطريق لتخرج «أوبك» من مرحلة الصدمة إلى الانفراج، بحيث استطاعت أن تتجاوز تهديدات قوى عظمى وتتخطى مآزق إقليمية وضعتها على حافة الزوال.
إنه رصيد نصف قرن حافل بالإنجازات والمكاسب لفائدة جميع أعضاء «الكارتل» من أجل البقاء متضامنين في مواجهة عولمة اقتصادية شرسة تستهدف في مخططاتها السيادة الوطنية للدول الناشئة، عن طريق كسر الأسعار وزعزعة الأسواق النفطية. وبنفس تلك الروح التضامنية والالتزام بقواعد التوافق، تبدأ الجزائر خمسينية أخرى جديدة تكرس فيها جهودها الدبلوماسية والتنموية لفائدة المجموعة الدولية انسجاما مع قناعتها الراسخة بالحقوق الاقتصادية للشعوب، التي تبدأ من حق التصرف في الثروات ورفض احتكار الأسواق.    

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19874

العدد 19874

السبت 13 سبتمبر 2025
العدد 19872

العدد 19872

الأربعاء 10 سبتمبر 2025
العدد 19871

العدد 19871

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025