خطوة الى الوراء

فضيلة دفوس
22 جانفي 2019

بينما كان العالم أجمع يترقّب الإعلان عن موعد إلتئام المؤتمر الوطني الجامع في ليبيا لتعقبه انتخابات رئاسية في الرّبيع المقبل، عاد الوضع بهذه الدولة الشقيقة التي تعيش حالة تيه سياسي وفوضى أمنية منذ ثمانية أعوام، ليسوء أكثر، خاصة مع تجدّد الاشتباكات بجنوب العاصمة طرابلس، واستفحال التهديد الإرهابي بالجنوب، وتغوّل المليشيات المسلحة، وانعكاس كلّ ذلك على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن الليبي الذي بات يخشى من أن تطول محنته أكثر، خاصة وهو لا يلمس أيّ تقدّم فعلي في العملية السياسية.
 بعد أن اعتقد الجميع بأن ليبيا تخطّ آخر فصول أزمتها، وهي تستعد لعقد مؤتمر مصالحة جامع يتوّج باستحقاقات تعيد بناء مؤسسات الدولة، عاد صوت السلاح ليكسّر هدوء العاصمة، ويزجّ بالبلاد من جديد في متاهة الاقتتال والفوضى، الأمر الذي دفع بالعديد من الجهات إلى دقّ ناقوس الخطر خشية العودة بالوضع إلى المربع الأول.
وبالفعل هناك وقائع كثيرة تشير إلى أن الأزمة الليبية وبدل أن تخطو خطوة نحو الحل عادت أدراجها إلى الوراء والاستفحال، فبعد أشهر من الهدوء بناء على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في سبتمبر الماضي، عادت العاصمة طرابلس لتفقد سكونها وتشهد مواجهات دامية بين بعض المليشيات خلّفت العديد من القتلى والجرحى، وعرّضت حياة المدنيين وممتلكاتهم للخطر. الأمر الذي بات يطرح شكوكا فعلية عن مدى قدرة الليبيين على إجراء أي انتخابات أو أي خطوة بهذا الاتجاه في مثل هذه الظروف.
وتزداد الشكوك حدّة، مع التدهور الأمني الخطير الذي يشهده الجنوب الليبي، خاصة مع انتشار المجموعات الإرهابية، إضافة إلى الشرخ الذي أصاب الطبقة السياسية المختلفة الولاءات، وتعطّل العجلة الاقتصادية وما يقابل ذلك من تردي للوضع الاجتماعي.
هكذا إذن، وفي الوقت الذي كان فيه الشعب الليبي يتوقّع أن تتوّج الذكرى الثامنة للتغيير والمصادفة لـ17 فبراير، بعقد مؤتمر وطني يفضي إلى انتخاب قيادة جديدة تداوي جراحه وتقود السفينة إلى برّ الأمان، ها هي المسيرة السلمية تتعثّر من جديد.
وحالة الفوضى الأمنية تتفاقم، ولغة السلاح تفرض نفسها، لتصبح المكاسب المحقّقة في مهبّ الريح، ما يغذي الحل العسكري الذي تعمل بعض الجهات على فرضه، لإشغال الليبيين عن النهب المستمر لثرواتهم.
وإذا كانت الأمم المتحدة تتحمّل بعض المسؤولية عن تأخّر حل المعضلة الليبية، فإنّ الوزر الأكبر يتحمّله الليبيون الذين عليهم وحدهم تجاوز خلافاتهم والجنوح إلى السلام، لإنقاذ أنفسهم والمنطقة من انفجار سيغرق الجميع في الدّم.
للعام الثامن على التوالي، مازالت ليبيا تتخبّط في أزمة عميقة، وقد آن الأوان لإنهاء هذا الكابوس، فهل سيبزغ فجر ليبيا قريبا؟

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024