توجّت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الجزائر وروسيا، التي وقّعها الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة و فلاديمير بوتين العام 2001 عقودا من التعاون متعدد الأوجه منذ تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كما أصبحت هذه الاتفاقية مرجعا اساسيا تضبط على ضوئها عقارب هذه العلاقة، خاصة و أن البلدين تتقاطع وجهة نظرهما حيّال العديد من الأزمات والقضايا الإقليمية والدولية، سيّما ما تعلق منها بتفضيل الحلول السلمية للأزمات، الحرص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وكذا تفعيل دور الأمم المتحدة ودعم الشرعية الدولية، باعتبارها المرجعية الوحيدة الكفيلة بنزع فتيل كل النزاعات و الأزمات و منها القضية الصحراوية التي انتهكت فيها هذه الشرعية بشكل خطير، بتوقيع الاتحاد الأوربي و المغرب على اتفاقيات تجارية تشمل الأراضي الصحراوية المحتلة؟ في حين أن احترام وتطبيق القانون الدولي من شأنه إشاعة الأمن والسلم في عالم يهتز على وقع ارتجاجات باتت تهدد الاستقرار الجهوي و العالمي على غرار المشهد في سوريا، ليبيا، مالي وكل منطقة الساحل.
زيارة لافروف اليوم ستكون لبنة أخرى في تعزيز التشارو السياسي بين البلدين، فالأزمة السورية دشنت العام الجديد بإيفاد مبعوث أممي جديد إليها وسط استعادة منطق الدولة وبسط الحكومة السورية للسيطرة على الوضع دحض الجماعات الإرهابية ، و تدشين مرحلة مصالحة السوريين مع أنفسهم و صياغة دستور للبلاد و هذا وسط محاولات صهيونية لخلط المشهد ؟ كما هو الشأن في الجارة الجنوبية مالي التي تعيش – هي الأخرى - على وقع محاولات تشويش على اتفاق الجزائر للسلم و المصالحة و لا يخرج الاعتداء الإرهابي الأخير على قوات حفظ السلام الأممية عن هذا الإطار ، ليبيا هي الأخرى بحاجة الى جهود البلدين لتشجيع حوار داخلي شامل يؤسس لحل ليبي خالص ينهي هذه المعضلة التي عمقتها و عقّدتها التدخلات الأجنبية التي لم تتوقف – للأسف - لحد الساعة ؟.
ملف مكافحة الإرهاب سيكون حاضرا - كما يبدو- في جدول الزيارة ، فروسيا شريك استراتيجي للجزائر في المجال و يتقاسمان نفس النظرة بخصوص الجماعات الإرهابية التي تختفي وراء أقنعة سياسية أو إنسانية لتنفيذ مخططات إجرامية هدفها ضرب استقرار البلدان على غرار المحاولة الفاشلة لتسلل عناصر إرهابية قادمة من سوريا إلى الجزائر عبر حدودنا الجنوبية في ثوب مهاجرين غير شرعيين ؟.
الاقتصاد سيكون له نصيب كبير - هو الآخر - ، خاصة و أن زيارة لافروف تأتي قبل أقل من أسبوع واحد فقط على انعقاد اجتماع اللجنة الاقتصادية المختلطة ، الجزائرية – الروسية التي ستتناول المبادلات التجارية التعاون بين البلدين و تبادل التجارب و الخبرات في مختلف الميادين ، منها كيفية إنعاش أسعار النفط و الغاز باعتبارهما من أهم البلدان المنتجة للغاز.