رسالة إلى التجار..

أمين بلعمري
26 جانفي 2019

أسقط إضراب الثمانية أيام، الذي دعت اليه جبهة التحرير الوطني يوم 28 جانفي 1957 - بالتزامن ومناقشة القضية الجزائرية من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة - الرواية القائلة بأن ما كان يحصل في الجزائر أثناء حرب التحرير ، شأن داخلي فرنسي .
لقد كان ذلك الإضراب بمثابة ضربة قاضية لكل محاولات الإدارة الاستعمارية لإبقاء الثورة الجزائرية خارج مناقشات الأمم المتحدة ، بل على العكس اثبت أن من كانت تصفهم بأنهم مجرد خارجين عن القانون لا يمثّلون أحدا ، اكتشف العالم أنهم حركة تحرير وطني تمثل تطلعات وطموحات شعب وهي قادرة على تعبئته من أجل إثبات أنه ليس فرنسيا ولا تربطه أي صلة بها ، حقائق ثابتة دحضت مغالطات فرنسية كانت تسوقها للمجتمع الدولي من على منابر الهيئة الأممية ؟ إلى أن حسم ذلك السجال لصالح الشعب الجزائري بعدما أجبر الوفد الفرنسي على الانسحاب احتجاجا على إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ليتحقق بذلك فتح دبلوماسي مبين ، عزّز انتصارات جيش التحرير الوطني عسكريا .
إضراب 08 أيام بالإضافة إلى دعمه للآلة الدبلوماسية للثورة الجزائرية ، أثبت حقائق تاريخية ،هي أن الشعب الجزائري بكل شرائحه بداية من ذلك الطفل الذي كان يمسح الأحذية في زقاق وشوارع العاصمة - مكرها - إلى التاجر الذي أوصد أبواب محله استجابة لنداء الثورة بالإضراب يوم 28 جانفي 1957 ، الجميع كان على قلب رجل واحد من أجل هدف واحد ، هوالتخلّص من الاستعمار والجميع كان مستعدا للاستشهاد من أجل ذلك الهدف.
هذه الذكرى لا يجب أن نمر عليها مرور الكرام لأنها محطة تاريخية حاسمة أرّخت لمواقف بطولية للتجار الجزائريين ورسالة يجب أن تكون خارطة طريق لتجار اليوم في كيفية حب الوطن الالتزام بهمومه وتطلعاته ، لأن التجارة أكبر من مجرد استبدال سلعة بمقابل مالي، لكنها مهنة نبيلة باركها النبي عليه الصلاة والسلام تضمن للتاجر الصدوق مكانه في الجنة ، لكن أين تجارنا من هذه الخصال والأخلاق في وقت أصبح فيه بعضهم يمارس الاحتكار والاحتيال وبعضهم الآخر فقد الرحمة والإنسانية وأصبح يتلف فائض سلعته لرفع الأسعار وثالثهم اغتنم المناسبات والأعياد لإفراغ جيب أخيه وتنغيص فرحته وفرحة أطفاله ؟ تصرفات أصبحت تسيء إلى قطاع بأكمله - للأسف - فمتى يدرك التاجر أنه يمارس مهنة الأنبياء والرسل وأن عليه أن يقدرها حق قدرها ، بداية من طيب المعاملة والابتعاد عن الغش والخداع وصولا إلى الالتزام بهموم وتطلعات هذا الوطن كما التزم أسلافهم في مثل هذا الشهر من سنة 1957 ؟ !

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024