لا يزال موسم الحج الى قصر المرادية ، يغري ويصنع المشهد السياسي في الجزائر فتحول شارع الدكتور سعدان الى حديث العام والخاص، كل يوم يتجدد موعد سحب الاستمارات بوجه عبوس قمطرير،يطلق اصحابه فتاوى ، ما انزل الله بها من سلطان ، ولا تخطر على قلب بشر. منذ الاعلان عن الانتخابات الرئاسية لم يتوان بعض اصحاب النفوس المريضة ، خوض غمار الترشح للوصول الى كرسي القاضي الاول في البلاد ، غير آبهين بحالتهم المزرية وجهلهم للحياة السياسية وغياب ادنى ملامح لكاريزما الانسان العادي السوي ، نظرة توحي من اول وهلة ، ان صاحبها ،في كامل قواه العقلية ، من فئة النخبة ، يدرك ما يقول ، ولا يتفوه لغطا ، لكن الواقع الذي شاهده الملايين من الجزائريين ، يقول ان هؤلاء إما بهم مس من الجن ، او تخطفهم الطير .
يتوافدون في صورة بائسة ، دون حياء ،كأنهم قطيع ضاعت بهم السبل ، ينتظرون ، في وسيلة اعلامية ، يطلون من خلالها لينشروا افكارهم ، عفوا قاذوراتهم الغريبة ، بقدر ما تضحك وتستفز المشاعر ، بقدر ماهي مخزية لوطن بحجم الجزائر ، تبقى وصمة عار في تاريخ الجزائر الحديث ، بعيدا عن الممارسة الديمقراطية ،ولا اتحدث عن مواد الدستور التي تسمح لمثل هؤلاء الضرب على نواقيس الوجع .
كأن الامر يتعلق بتذكرة لمشاهدة عرض مسرحي ، وإلا كيف يفسر ذلك التوافد لأشخاص يتشابهون في كل شيء ، ملامحهم ، اشكالهم ، حديثهم ، رغباتهم ، جنوحهم ، كأنهم قدموا من كوكب أخر لا اتحدث عن الطموح الذي اراه مشروعا وشرعيا سنه ألدستور ومن حق اي مواطن يتمتع بالأهلية ان يكون مرشحا ،اقول وليس مترشحا ، لان الفرق بينها، كالفرق بين الصبي حتى يبلغ و المجنون حتى يعقل .
ما يخوفني هو تحول هذه الشخصيات المزعومة بقدرة قادر الى شخصيات اجماع محلي، وتلك الكارثة ، فحذار من مسرحيات هزلية مكانها الخشبة وليس السياسة .