كلمة العدد

هل يستعيد الدينار توازنه؟

سعيد بن عياد
02 فيفري 2019

يعرض بنك الجزائر اليوم أوراقا بنكية وقطعة نقدية جديدة للدينار الجزائري في توجه يشير إلى منعرج ينطلق منه مسار إعادة الاعتبار للقيمة الشرائية له ضمن معالم النموذج الجديد للنمو. وبالنظر للثقل الذي تمثله العملة في صلب مفهوم السيادة الوطنية للدول، كان لزاما تخصيص أهمية ذات دلالات اقتصادية للدينار، والانتباه إلى مدى جدوى إعادة الاعتبار له في سوق العملات، خاصة بعد أن بلغ تراجع قيمته حدا يحمل تهديدات محدقة بمستقبل الآمن المالي للبلاد.
تستمد العملة الوطنية قوتها من الأداء الاقتصادي خاصة معادلة الإنتاج والإنتاجية، وتتأثر بتقلبات أسواق المحروقات كما هو في الظرف حاليا، إلاّ انه أصبح ضروريا اليوم، إعادة تصحيح المعادلة وفقا لمعطيات السوق، حتى تنتعش القوة الشرائية. وتعكس المضامين التي تحملها العملة مرجعية وطموحات المجتمع، لذلك غالبا ما يتم اللجوء إلى إعطائها صورة تعكس درجة متقدمة من الفخر والقوة والإرادة والتطلعات المستمدة من التاريخ العريق للأمة، لتنمية الصلة بينها وبين عالم الاقتصاد، المطالب بترجمتها عن طريق تلبية الطلب من حيث المنتجات والخدمات وفرة وجودة.
لكن يتطلب هذا الرصيد الثابت مواكبته بتجسيد مضمونه المعنوي من خلال الارتقاء بالأداء الاقتصادي إلى مستويات متقدمة من النمو في كافة المجالات، حتى تتعزّز أكثر فأكثر القدرة الشرائية للدينار، وهو تحد يمكن رفعه بالرغم من صعوبات المرحلة، ولسلوكات المستهلك أيضا تأثير على قيمة العملة إذا لم يلتزم بضوابط معايير السوق مثل ترشيد الانفاق. وفي هذا الإطار ليس من سبيل لذلك سوى أن تستجيب المنظومة الاقتصادية بجميع مكوناتها في مقدمتها ـالمؤسسة الإنتاجية لمتطلبات النمو، وذلك بالحرص على تحسين معدلات الإنتاج وتحسين الإنتاجية في مواقع العمل انسجاما مع تطورات السوق.
لا معنى لأوراق بنكية حتى ولو كانت تحمل صورا ترمز للقوة والفخر، إذا لم تكن لديها قيمة مطابقة لها في السوق وعالم المال والأعمال، حيث المعركة تحسم بقيمة وجودة ووفرة المنتوجات في مشهد تنافسي يتجاوز الإطار المحلي. إن تمكين الدينار من استرجاع قوته في السوق وكبح تراجعه خاصة تحت وطأة اتساع نطاق السوق الموازية للصرف، مسألة اقتصادية بحتة، ويمكن تجاوزها في سياق التحول النقدي، وفقا لحركية استثمارية انتاجية ملائمة لمعالم لخيارات اقتصاد إنتاجي وتنوع، يقوم على العمل والابتكار، وتمثل فيه القيمة المضافة، التي تتجسد بالسواعد والعقول، الحلقة المتينة.
قد تساعد بعض العوامل على تحصين العملة، لكن العمل الخلاق للثروة وحده، يعطيها المناعة ويدفعها إلى الصدارة ضمن سلّم العملات في العالم. ولعلّ هذه السنة بكل ما تحمله من عزيمة لدى شركاء عالم الاقتصاد هي الموعد الحاسم لإعادة تصحيح بوصلة الاستثمار المنتج، ليعطي النفس المطلوب للدينار فيتجه نحو النمو. وقد يكون الكشف عن الأوراق الجديدة من طرف« أم» البنوك إشارة تعكس هذا التحول نحو استعادة التوازن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024