أصبح النشر وإصدار الكتب الأدبية والعلمية خارج الوطن، موضة يتبعها الكثير من المبدعين الجزائريين من شعراء وروائيين وقصاصين يلجأون إلى دور نشر عربية أو غربية لطبع مخطوطاتهم، بالرغم من تواجد ما يقارب 1000 دار جزائرية تمتهن صناعة الكتاب، وبحسبهم هروبا «من عدم اكتراث هذه الأخيرة بالتوزيع والترويج الإعلامي للإصدارات واكتفاء الكثير منها بعملية الطبع دون تدقيق في النصوص، أو الاهتمام بالجودة».
دور النشر الوطنية، يتهمها كثيرون بسعيها وراء الربح السريع و تغاضيها عن الشق الثقافي في مهنتها وهو المساهمة في النهوض بالكتاب وتشجيع الحراك الثقافي والأدبي، وكذا التحفيز على الإبداع، وبالتالي وقوفها وراء هجرة الإصدارات إلى الخارج.
المعروف اليوم أن أول حافز للنشر في الدور العربية أو الغربية هو السعي وراء الشهرة وصناعة اسم في المشهد الثقافي الدولي و العربي و الوطني بالنسبة للكتاب الجدد، الذين غالبا ما يقايضون تأشيرة دخول عالم النجومية باستغنائهم عن حقوقهم المادية، مكتفين باستلام بعض النسخ مقابل الترويج الإعلامي الذي يأخذه على ـالناشر عاتقه الناشر، أما بالنسبة للأسماء المعروفة فهي بدورها تبحث عن الجودة و الاحترافية لإصدارات قيّمة يمكن تقديمها بكل ارتياح في المحافل والمعارض.
هذه الخدمة التي لا يمنحها لهم صناع الكتب المحليون، الذين يتهمون اليوم بالتحايل في العقود خاصة مع الكتّاب الشبان وتجريدهم من الكثير من حقوقهم، ناهيك عن امتهانهم الرداءة وانعدام الاحترافية، حيث يشتكي العديد من المؤلفين من كتب مملوءة بالأخطاء، غير مرتبة الصفحات أو ناقصة و كأن العملية تقتصر فقط على الطباعة بدون مراجعة وتصحيح للمضمون و حتى مراقبة للمحتوى.
فمن المسؤول عن هذا؟ ومن يحمي المؤلف ومن يضع حدا لامتهان الكثير من دور النشر الوطنية للطباعة فقط وتغاضيها عن الاهتمام الصحيح والمحترف بصناعة الكتاب، وفق معايير دولية وكذا الترويج الإعلامي للأعمال الصادرة ؟
أين الخلل؟ وكيف السبيل لجعل دور النشر الجزائرية مؤسسات ثقافية محترفة تلعب بامتياز دور الحلقة المحورية في إستراتيجية النهوض بصناعة الكتاب و إعادة الاعتبار للمقروئية وتفعيل الحراك الأدبي والفكري في الجزائر؟