« بقيت راسخة في الأذهان معيدة صور أخرى تظهر كيف ظلت الجزائرية في أول الصفوف تقاوم بأقصى درجة القوة محاولات ضرب الاستقرار الوطني والمساس بمن تحقق بالدم والدمع”.. إنها صورة المرأة التي وقفت تصرخ من أعلى الشرفات بأحد إحياء العاصمة اثناء المسيرات السلمية يا شباب لا تكسروا. حافظوا على هدوء سلوككم . ولا تتركوا المجال لمن يركب موجة الوقفات الحضرية للتمادي في صب الزيت على النار وإطلاق العنان لموجة الغضب للانسياق وراء المغامرة وانحراف غير محسوب العواقب”
إنها واحدة من المشاهد التي عاشتها المرأة الجزائرية في أكثر المحطات مرافقة للتحولات كاشفة عن موقف ثابت من البناء دون السقوط في اليأس والإحباط.
طيلة مسارات التحول كانت المراة تعتلي صدراة النضال واقفة صامدة وفية لمبادئ تغذت بها وشعارات تربت عليها وقيم حفظتها على ظهر قلب. ظلت الجزائرية سائرة على هذا الدرب دون التنازل عنه قيد انملة مقدمة تضحيات متكررة ونضالات واضعة البلاد فوق كل اعتبار، مدركة ان هذا الوطن أمانة والحفاظ عليه فرض عين.
من الثورة التحريرية ومحطات مفصلية اخرى.. من اكتوبر الغضب والعشرية السوداء إلى الآن، حالة واحدة تتكرر. وصورة واحدة تكشف معالمها وخيوطها: صمود الجزائرية وانحيازها الى الوطن المفدى رافضة ان تكون ورقة ضغط وأداة مساومة في مسعى المساس بالسيادة والاستقرار.
من كل المواقع تتقاطع آراء الجزائريات وتلتقى حول الثابت الواحد، ضاربة المثل في معنى المواطنة والوطنية كاشفة لكل متردد كيف إنها ترجمة هذه الشعارات الى واقع عملي ملموس جاعلة منها خارطة طريق للحاضر والآتي، مؤكدة ان التفتح والمعاصرة تكسب قوة ومدلولا بالأصالة والهوية والانتماء لجزائر الأمان.
المكاسب التي حققتها الجزائرية في مسارها الطويلة جاءت ترجمة صادقة لهذا النضال الذي لم يتوقف. فكانت حقوق انتزعت بشق الانفس احتلت عمق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مكرسة في الميدان مبدا التساوي بين الجنسين، مشددة على احقية توازن المعادلة الوطنية وعدم الاخلال بها تحت اي طارئ وظرف.
وزادت من هذا الاعتراف وتقرر تكريسه الأبدي في معطى ثابت غير قابل للمساس، دسترة هذه المكاسب المرجة في مسار ترقية المراة وفتح امامها مجالات الاندماج وتبوء مكانة في هرم النظام السياسي واسناد لها مسؤولية القرار والتسيير دون تركها على الهامش والتوقف عند الاكتفاء بما تحقق واعتبارها الغاية والمقصد.
انها مسالة جوهرية نتوقف عندها في عيد المرأة العالمي ليس من جانب تقييم المسيرة، مالها وما عليها لكن لإلقاء النظرة إلى الأفق القريبة والبعيدة لاعادة السؤال الكبير ما ذا بعد؟ واي مكسب اخر ينتظر الجزائرية في استحقاقات اخرى غير قابلة للتصرف تزيدها اعتبارا واعترافا في المسعى الثابت والمتغير على الإطلاق.