كلمة العدد

الدقّة والصّرامة

سعيد بن عياد
09 مارس 2019

تواجه البلدان الناشئة على غرار الجزائر تداعيات العولمة، التي تثير معها ظروفا تحمل صعوبات في شتى مناحي الحياة اليومية للمجتمع، غير انه ينبغي التزام الهدوء وتوخّي الحذر في التعاطي مع تلك الإفرازات التي تظهر إلى السطح، خاصة ما يتعلق بالخيارات الاقتصادية والاجتماعية. المؤشرات الاقتصادية بكل تفرعاتها المالية والتجارية هي بمثابة الرقم الثابت في معادلة كل مجتمع يواجه تحولات تتجاذبها أطراف المشهد السياسي بين مراقب للساحة ومسوّق لأوهام، بينما لغة السوق سواء في الاستثمار أو الإنتاج أو التسويق، تخضع لمعطيات وأرقام لا يمكن القفز عليها. وبالرغم من كل ذلك المسار الذي انتهجته المنظومة الاقتصادية، فان التحديات التي تقف في وجهها لن تنتهي، بحيث تحتاج في كل فترة إلى مراجعة وتصحيح وإثراء، من اجل تعزيز مؤشرات النمو في مختلف القطاعات الإنتاجية، خاصة تلك التي تظهر قدرات للنهوض والاندماج في أسواق تنافسية محليا وإقليميا. ولعلّ اكبر تحد يبرز اليوم، خاصة في المدى القصير، هو ما يتعلق بمدى القدرة على تطوير السوق الجزائرية في اتجاه تحسين معدلات الاستثمار المنتج وجذب الرأسمال الأجنبي، خاصة في قطاعات حيوية، تتوفر على عوامل الانتعاش ومواكبة المنافسة، محليا وإقليميا. في هذا الإطار وبعد نجاح مقبول لانفتاح الاقتصاد على أسواق مجاورة وأخرى بعيدة، تمنح تظاهرة «أسيهار»، التي تفتتح اليوم بعد غياب سنوات طويلة، فرصة ثمينة للمؤسسات الجزائرية للبحث عن مواقع متقدمة في أسواق مالي والنيجر، للتصدير ولكن أيضا لبناء شراكات متواضعة تؤسس لمسار جديد في أدغال إفريقيا، التي تتسارع إليها بلدان متطورة بالنظر لما تقدمه من مؤشرات ايجابية مقارنة بأسواق عالمية أخرى. وبهذا الخصوص  ينتظر أن تسجل غرف التجارة والصناعة المحلية وحتى الوطنية بصمتها في انجاز الأهداف الكبرى للمشهد الاقتصادي  الناجع، وذلك بتوسيع انفتاحها على المحيط وتأطير ورقة طريق تنسجم مع الاتجاه الوطني للنمو، عن طريق تشجيع التواصل مع النسيج المقاولاتي، من أجل الدفع بالمبادرة أكثر فأكثر وترسيخ الجرأة في ركوب المخاطرة لدى المتعاملين والمستثمرين وأصحاب المؤسسات، مهما كان حجمها وثقله في السوق. إن المناخ العام مهما كان ثقله لا ينبغي أن يعطل من وتيرة التحول الاقتصادي وفقا للتوجّهات المسطرة، التي لا يمكن أن تكون محل خلاف بتأكيد جموع الخبراء من كل المدارس والتوجهات، كون الفعل الاقتصادي، بقدر ما يتأثر بمناخ الاستثمار والمال والأعمال السائد، بقدر ما يتميز بالدقة والصرامة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024