كلمة العدد

مقوّمات النهوض قائمة

سعيد بن عياد
16 مارس 2019

التحوّل في حياة الشعوب والدول أمر طبيعي، يعكس حيوية وحرصا على مواجهة التحديات المختلفة، شريطة أن لا تضيع بوصلة التنمية، التي يجب أن تكون أول مستفيد من مختلف المراحل المتعاقبة لفائدة الأجيال المتعاقبة. المنعرج بقدر ما يخص المطالب السياسية، وله أهميته في مسار كل بلد، بقدر ما يرتبط أيضا بمدى إدراك المتطلبات الاقتصادية، لتفادي تضييع موارد أو تفويت فرص للاستثمار المنتج أو تعريض عنصر الثقة في السوق الجزائرية للضرر. أظهرت السلوكات السليمة للشارع في التعبير عن مطالبه المختلفة وتطلعاته الراهنة والمستقبلية مؤشرا صحيا بالنسبة لمسألة الثقة، التي يمكن أن تعزّز تجاه الشركاء، بحيث تعكس الصورة مركز السوق الجزائرية لدى المستثمرين، في ظل تنافسية إقليمية وعالمية قوية تحسمها قيمة الاستقرار، وبالتالي التغيير الهادئ والشفاف. التحدي الحقيقي يكمن في مدى القدرة على تحويل تلك الطاقة البشرية الجارفة إلى طاقة خلاقة للثروة من خلال تلبيتها لمطلب التنمية في كل الميادين، وذلك برد الاعتبار للعمل وتكريس ثقافة المبادرة والإنتاج، خاصة وأن المجال يوفر فرصا ثمينة لإعادة توجيه مسار الاستثمار وفقا لمعايير تكافؤ الفرص والمبادرة الحرة مع المساواة أمام المرفق العام والمؤسسات الإدارية والمالية التي تؤطر وترافق المشهد الاقتصادي بكافة فروعه. في مثل هذه الأوضاع، ينبغي التزام اليقظة بعدم الانسياق وراء كل ما من شأنه المساس بالسير الحسن والمنتظم للمؤسسات خاصة تلك التي تتميز بالطابع الاستراتيجي، في وقت تسجل فيه بعض المؤشرات السلبية، جراء تعطل عدد من الورشات أو المصانع التي ترتبط بالأمن المالي للبلاد وتحفظ حقوق الأجيال أمام عولمة شرسة تكون أول من يستفيد من الظرف. إن أبرز ما يتطلبه إنجاز الآمال العريضة للمجموعة الوطنية أن يحدث كل واحد تغيرا على مستواه من حيث الذهنية والسلوك والممارسة سواء في الحياة العامة أو المهنية لمواكبة التحولات التي تمر بها البلاد، بحيث تتقاطع كل الخيارات مع المعطى الاقتصادي الثابت الذي لا يمكن إغفاله من المشهد. ويتعلق الأمر بتحسين معادلة التنمية، من خلال إقحام كل الموارد المادية والبشرية التي تتوافر عليها البلاد في ديناميكية النمو، بحيث لا تزال للجزائر كل المقوّمات التي تسمح لها بتحقيق الوثبة الاقتصادية المطلوبة، إذا تضافرت حولها الإرادة القوية من جانب مكوّنات المنظومة الاقتصادية، متعاملين، رؤساء مؤسسات ومستثمرين جادين، وقناعتهم الصادقة بالتحلي بقيم المنافسة النزيهة ومكافحة الفساد وإشراك الكفاءات في معركة النمو. إن أخلقة الحياة العامة، خاصة على مستوى النسيج الإداري والمؤسساتي محليا ووطنيا، مسألة جوهرية لضمان الأمن الاقتصادي وخاصة المالي، في وقت يتراجع فيه احتياطي العملة الصعبة ويستمر انهيار قيمة الدينار، بينما تزداد الاحتياجات وترتفع المطالب التي تحتاج إلى مناخ هادئ لإدراكها وفق المعايير التي يتطلبها الظرف.    

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024