صرخة ضمير

فنيدس بن بلة
18 مارس 2019

لم تكن الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية في ذكرى عيد النصر مجرد وقفة تأمل لتقييم مسار نضال خاضته الجزائر بشق الأنفس والتذكير بالانجازات التي تمت في معركة بناء وإنماء، لكن محطة حاسمة اخرى تكشف عن تحديات الظرف وخصوصية المرحلة التي تفرض اليوم  اكثر من ذي قبل ، وحدة الصف والموقف في كيفية الانتقال السلس الى بر امان تنشده  البلاد وتناشد أبناءها السير على دربه اليوم وغدا.
جاءت الرسالة امتدادا  لمضمون رسائل أخرى في فترة وجيزة متلاحمة ، تكشف بالملموس عن الانطلاقة الأسلم للتغيير السياسي ووضع لبنة جزائر جديدة تغار على استقلالية القرار والسيادة وتحرص قدر الممكن على ضمان وحدتها واستقرارها بعيدا عن أية مغامرة ومجازفة، متخذه من تجارب سابقة أرضية انطلاق  ودرسا للحيلولة دون تكرار مرارة تراجيديا لا زالت محفوظة في الذاكرة الجماعية والضمير الحي.
نجحت البلاد في طي أصعب صفحة لها خلال المأساة الوطنية بفضل تلاحم أبنائها وتجاوبهم مع مشروع السلم والمصالحة اعتمادا على استقلالية قرار ومقاربة ذاتية ناجعة،  باتت مضرب المثل لباقي امم المعمورة في ادارة الازمات وتسوية المشاكل المعقدة المتراكمة. وهذه التجربة  تتطلع البلاد اليها  بشغف في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها، استجابة لنداءات مسيرات سلمية رفعت مطالب سياسية من اجل تغيير النظام السياسي  جذريا بطريق تؤمن المرور الحتمي إلى مرحلة أخرى تستجيب لتداعيات ظرف وتراعي طلبات جيل يبحث عن مكانة له في مشروع سياسي يتشكل في مسار التوجه نحو مستقبل يليق بعظمة الجزائر.
هنا تبرز أهمية الندوة الوطنية الجامعة المرتقبة في اقرب فرصة واقصر اجال، و تظهر قوة مدلولها وأبعادها في رسم معالم التغيير المنشود وابجدياته من قبل الأطياف المشاركة التي يقع على عاتقها مسؤولية الوفاء للعمل بتغليب المصلحة العليا على الحسابات الذاتية في تعديل الدستور المرتقب بعمق قبل تصويت الشعب عليه في استفتاء. وهو التعديل الذي يؤسس للجمهورية الجديدة التي تضبطها قواعد انتخابية حاسمة تحدد الفصل بين السلطات وتضبط مدة العهدات الرئاسية ومسائل جوهرية تتصدر الأولوية .
هذه الملفات الكبرى التي تحسمها الندوة الوطنية  وتحولها الى ورشة تفتح النقاش بنزاهة دون افكار مسبقة وكليشيهات ، لكل كبيرة وصغيرة تخص الشأن السياسي، نظام الحكم، التداول على السلطة ووظائف السلطات، تنتظر اجماعا وطنيا حول الأهداف والغايات ضمن خارطة طريق تؤمن التحول السياسي السلس لمرحلة انتقالية إجبارية يديرها ابناء الجزائر الغيورون على وحدتها وتلاحمها ، مدركين ، مقتنعين بجدوى تكاتف الجهود وتقاسم الوظيفة في وطن قوي متراص مثلما حلم به من فجروا ثورة نوفمبر ونادوا بالحفاظ عليها أمانة في الأعناق.  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024