التغيير على السكة الصحيحة

سعيد بن عياد
23 مارس 2019

تقع مسؤولية كبرى على عاتق القائمين على إدارة الشأن الاقتصادي والإداري في هذا الظرف الحساس. في مثل هذا الوضع تظهر قيمة الانتماء للمرفق العام والالتزام بميثاقه في السهر على حماية المال العام وتأمين الأملاك العمومية من أي تصرفات مشبوهة، قد تراود فئة ضعيفة النفس وهشة العزيمة. أكثر من هذا يتأكد مدى الولاء للوطن والتمتع بالحس المدني من خلال الوقوف بإرادة صادقة على مختلف مستويات ومواقع العمل، حتى لا تتوقف وتيرة الإنتاج وتتعطل عجلة النمو، وذلك بالتمييز العميق والسليم بين المطلب السياسي في ظل ممارسة حرية التعبير والحفاظ على مكاسب التنمية لفائدة المجموعة الوطنية. في هذا الإطار ينبغي التزام الحذر تجاه دعوات للإضراب في مواقع اقتصادية تشكل مصدر قوت الشعب الجزائري مثل حقول النفط ومنشآت قاعدية لها صلة مباشرة بمعيشة الجزائريين، وإدراك مدى العواقب الوخيمة التي سوف يقع لا محالة عبؤ٫ها على  المواطنين في حالة تعطل عجلة الإنتاج خاصة في المحروقات والتجارة الخارجية. إن المكاسب الاقتصادية التي أنجزت طيلة عقود بتضحيات قدمتها أجيال وأجيال لتصبح للشعب الجزائري أرضية صلبة، تؤمن له الدخل كما هو في مجال المحروقات، في ظل عولمة شرسة تستهدف ثروات البلدان الناشئة أو تلك التي كشفت عن نية منافسة اقتصادات بلدان قوية وشركات متعددة الجنسيات. وتصنف الجزائر في خانة البلدان التي تطمح للتموقع بتواضع ضمن صدارة النظام الاقتصاد العالمي، لولا أنها وقعت في قبضة مخالب الفساد الذي أضرّ كثيرا بالطاقات المادية والمالية والبشرية، لتصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم، في أزمة ثقة، تتطلب الانتقال إلى تفعيل خيارات واضحة وحاسمة وجريئة. ومن بين تلك الخيارات، وليس هذا عملا سحريا، الرجوع إلى مبادئ وقواعد التحول الاقتصادي والاجتماعي، وفقا لسلم أخلقة الحياة العامة والدفع بالكفاءات الخلاقة والمبدعة والمبتكرة إلى مراكز صياغة واتخاذ القرار ضمن آليات تضمن تكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروات في شكل مشاريع أو تشغيل أو رفاهية للسكان. ولعلّ أول ما ينبغي التركيز عليه في وضع أسس التغيير الهادف والمتبصر من خلال إرساء جسور انتقال فعالة تمتد نحو أفق واضح، صياغة وتجسيد مخطط للتهيئة الإقليمية بمحتوى يتشكل من جملة أهداف اقتصادية واجتماعية، تستوعب المؤشرات الراهنة وتؤسس لتوازن ديمغرافي يستجيب للتطلعات الكبرى التي يجري التعبير عنها منذ أولى مسيرات الاحتجاج في 22 فيفري الماضي. ينبغي، بالموازاة مع السعي لإيجاد مخرج إيجابي ومسؤول للأزمة القائمة، الاستثمار بشكل بناء في الإرادة التي يعبر بها الشارع وإقحامها في دواليب مواجهة الأزمة مثل الاعتماد على الذات، مكافحة الفساد بكل أشكاله، تعزيز روابط الانتماء للوطن، المحافظة على البيئة سلوكا وليس بالخطب والمشاريع غير الواضحة، التضامن وظهور بوادر لقوة شبانية معطاءة وتتطلع للمشاركة في بناء في كل القطاعات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024