رأي!

أكبر من مجرد شعارات وخطب مناسبات

سعيد بن عياد
06 أفريل 2019

لا يمكن الطموح إلى بلوغ مستوى متقدم على مسار مكافحة الفساد إذا لم تبادر العدالة إلى تطهير صفوفها ومراجعة آليات عمل هياكلها القضائية، بالانتقال من أسلوب عمل تجاوزه الزمن إلى مستوى أكثر شفافية وإنصافا ودقة في معالجة الملفات خاصة التي تتعلق بأملاك الأمة وقوت الأجيال.
لا يعقل أن يكلف قضاة يفتقرون للتجربة وعلى مضض بمعالجة قضايا تصنف في خانة جرائم الفساد خاصة تلك التي تتعلق بأموال عقارات ومنقولات تسيل لعاب البشر ممن يستسلمون للإغراءات ولا يتحملون الضغوطات سواء التي تصدر عن مراكز في سلم الوصاية أو من أصحاب النفوذ في محيط القضاء، أو إبعاد الخارجين عن عصا الطاعة إلى مواقع لا يقدمون فيها القيمة المهنية المضافة.
كشفت الديناميكية التي دخل فيها الشارع من خلال احتجاجات الحراك الذي التحق به قضاة من مختلف المجالس والمحاكم، أن القطاع يعاني حقيقة من أوضاع لا تحتمل ولا تشرف أصحابه، مما أدى في حالات عديدة، سوف تكشف فصولها الأيام القادمة، إلى حدوث تجاوزات ومظالم مخالفة لأصول العدل ولا يقبلها عقل، تشكل وصمة عار في جبين اصحابها.
هل يمكن التسليم بقاعدة «الحكم يعود لضمير شخص يلبس عباءة قاض»، لتترك سلطة بهذا الثقل والحجم بين أيدي من لا يقدرونها حق قدرها ، فتتحول قضايا إلى سلعة في مزاد الفساد، بينما الأصح أن يتم الحرص على الكفاءة والنزاهة فيمن يؤتمنون على مصالح الناس؟.
حقيقة لا يمكن إعادة تقويم مسار هذا القطاع الذي يرتكز عليه مستقبل الديمقراطية وصون الحريات وحماية الحقوق المشروعة سوى بعد أن يتم إعادة بناء المنظومة على أسس سليمة وصلبة، تزيح من مراكز القرار، على كل المستويات، الذين اثبتوا فشلهم في صون سلطة قضائية مستقلة وعجزوا عن وضعها في مركز يبعدها عن الريبة والشك.
حقيقة يوجد قضاة لا غبار عليهم يحرصون على القيام بمهامهم وفقا لأصول القانون وضوابط الإجراءات ، لكن لا يمكن إطلاقا نفي كل ما يقوله الشارع ومنذ سنوات عن وجود تجاوزات خطيرة ألحقت ضررا كبيرا بقطاع لا يمكنه أن يبقى على هامش الحركية المنطقية للمجتمع.
ولا تخص المسألة القضاة الذين يتصرفون في السلطة باسم الشعب وإنما وهو الأخطر بمختلف المتدخلين في الشأن القضائي، من كتاب ضبط وأعوان مصالح الشرطة القضائية بكل ألوانها وحتى من الدفاع، إذ كلما تراجعت مساحة الأخلاق وتأنيب الضمير اتسع نطاق الفساد، الذي يتقوى إذا استفاد من ممارسات أصحاب النفوذ ممن لديهم سلطة سياسية.
إن مكافحة الفساد ليست مجرد إطلاق شعارات وخطب في مناسبات تختار لها جمل منمقة وعبارات معسولة يرافقها وعيد بدون مفعول في الساحة، وإنما تستلزم وجود أعوان من قضاة ومساعدين لديهم قناعة راسخة بان المهمة تصب في خدمة مصالح البلاد وصون مقدرات المجتمع.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024