ما تعرض له رئيس المنتدى العالمي للوسطية الدكتور أبوجرة سلطاني، هو تصرف مشين همجي، مرفوض، وغير أخلاقي ولا يمت إلى الانسانية بأية صلة، فمهما كانت درجة الاختلاف مع الرجل، كان من الاحرى، إيجاد طرق اخرى للتعبير عن موقف يعارض أفكاره مثلا، أما أن يتحول الاختلاف إلى أساليب غير محمودة وكلمات نابية، فهو أقرب إلى الإهانة، وفي تعاليم ديننا وأخلاقنا وتسامحنا مع الآخر، لا تصل درجة الاختلاف إلى طرده وملاحقته في الشوارع الباريسية وهو الأعزل في أرض الغربة.
الحراك الذي بدأ سلميا وفي أرقى صوره الحضارية، كان قدوة للعالم في تظاهره وتجمهره وتلاحم أطيافه بمختلف توجهاتها، فلم يسجل أية حادثة تشبه ما جرى بباريس، حتى وان كان المبرر محاربة الفساد، فان الفاسدين جميعهم يملكون إقامات دائمة بفرنسا ويتجولون جهارا نهارا، فلماذا نحتقر بعضنا بعضا بهذه السلوكيات الغريبة.
ان سلمية الحراك الشعبي والملايين التي خرجت للشوارع معبرة عن رفضها للنظام وأزلامه، لم تحلم بها فرنسا نفسها، ولا أصحاب السترات الصفراء، بل ان الصور التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، أثارت حفيظة الجزائريين واستنكرت تلك المطاردة الغريبة، وكأنه وسط غابة من الوحوش البشرية الناقمة، الرافضة للآخر.
أقول ذلك ليس من باب الدفاع عن سلطاني كدكتور أو أستاذ جامعي، شاعر، فقيه، وزير سابق، رئيس حزب، أديب، إمام..إلخ، فهو قبل كل انسان، رغم اختلافي معه في بعض المواقف والقضايا، ولكن افتح هذه النافذة، لأشجب ما حدث له في بلد الجن والملائكة، حيث تحولت ملائكتها إلى الحراك السلمي بالجزائر وبقي الجن هناك في الأضاحي الفرنسية وحده يتجول.
سمعة الجزائر على ترابها وخارج أراضيها هي صمام الأمان ومضرب الأمثال في الحوار والتحضر بعيدا عن التشويه والإساءة والتزندق، فلا تعكروا صفوتها بمثل هذه التصرفات الشنيعة، لأن أعداء الشعب والأمة والثواب الوطنية، لا تزال سمومهم تتقاطر كل يوم حقدا وضغينة، ينعمون بالحرية دون خجل.