العقد الاجتماعي والمهني

جمال أوكيلي
27 أفريل 2019

الظرف الراهن ليس بتاتا للاضرابات والاحتجاجات أو الاعتصامات، مثل هذه «الخيارات» لا تخدم مطلقا مصالح العمال الاجتماعية والمهنية، بل تعطل أشغال الناس المتواصلين يوميا مع المرفق العمومي ولايسعنا في هذا المقام إلا أن نشيد بقرار الاتحادية الوطنية لعمال البريد والمواصلات التي قرر مسؤولوها إلغاء رسميا الاضراب أيام 28، 29  و30 أفريل احتراما لما صدر عن العدالة، لكن في المقابل يطالبون بفتح الحوار مع الوصاية حول المطالب المرفوعة.
وبالتوازي مع ذلك دعت النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الادارة العمومية «سناباب» إلى إضراب  وطني  يومي 29 و 30 أفريل الحالي، لاعلاقة له أبدا بانشغالات موظفي هذا القطاع بقدر ماهو عبارة عن تضامن مع « الحراك» أي أنه يحمل ذلك الطابع السياسي الذي يتناقض مع طبيعة هذا «التنظيم» ونصوصه الداخلية المشددة على إطار نشاطه المحدد بدقة، ألا وهو الدفاع عن قضايا العمال ـ لا أكثر ولا أقل ـ أما المسائل الأخرى فلا تهمه.
هذه الحركية الراهنة في الوسط النقابي مفهومة، نظرا لعدة إعتبارات إجتماعية وتراكمات مهنية ناجمة عن أداء المنظومة الاقتصادية. غير أن صوت العقل يناشد الجميع الى تأجيل مثل هذه القرارات إلى إشعار آخر، كون الوضع يتطلب الهدوء قصد السماح لكل أخيار الأمة الخروج من الحالة القائمة جراء التطورات السياسية الأخيرة.
وبامكان جل النقابات العاملة في الميدان مهما كان تمثيلها أن تذهب إلى عقد اجتماعي شعاره التهدئة ثم التهدئة بين الشركاء، يمتد على آجال معينة، ما بين سنة إلى خمس سنوات، يلتزم فيها الجميع بتفادي النزاعات ذات الطابع الاجتماعي والمهني، ريثما يتم وضع أسس تسيير المؤسسات وفق التصور المنوط بها.
هذه الفترة، قد تبدو للبعض طويلة لكن عمليا ليس الأمر كما يراه البعض، بل معقولة نظرا لما سيحققه من أهداف عودة الاستقرار إلى قطاعات معينة محل غليان، منذ انطلاق الحراك، ومابين السنة الأولى إلى الخامسة منها أو أقل، حسب سيرورة الأحداث، يتم خلالها السعي بين وزارة العمل والشغل والضمان الاجتماعي والفاعلين في هذه الهياكل على تسوية كل الملفات ذات الصلة بعيدا عن أي تشنج.
وهذه المبادرة أي العقد الاجتماعي لا يحمل أي خلفية ماعدا خدمة الجزائر، يكون على قواعد تعهدات مرحلية وتدريجية، قابل للتقييم في أي سقف معين، قصد تكييفه أو إضافة له بعض النقاط المتعلقة بالمستجدات في هذا الاختصاص، لايرمي في الأدراج أو يوضع في الرفوف للنسيان والغبار، كما حدث لتجارب غير بعيدة عنا، أو يضع أصحابه محاور يستحيل تطبيقها، تجلت في العقد الاقتصادي والاجتماعي ثم بعد ذلك أضيف له مصطلح «..والنمو» تلاه في الأخير مايعرف معاهدة بين العمومي والخواص.
لسنا أبدا في هذا السياق أو الإطار وإنما المرحلة التي نوجد فيها، حساسة تختلف اختلافا جذريا عن سابقتها، من كل النواحي، خاصة في جانب الاستقرار، وهذا الأخير هو الشغل الشاغل للجزائريين في الوقت الراهن، ولايتأتى ذلك إلا إذا اهتدى الجميع إلى العروة الوثقى، أي اتفاق مكتوب، عبارة عن التزامات وتعهدات ثنائية، يوقعه كل معني بروح المسؤولية بعيدا عن تلك النظرة الضيقة أو حسابات معينة، كل ذلك لمصلحة البلد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024