كلمة العدد

تكافؤ الفرص

جمال أوكيلي
20 ماي 2019

مهما حاولنا الاجتهاد في تحليل ملف التّشغيل من زواياه المختلفة، بشرح أسبابه وقراءة أرقامه، فإنّ بديهية غياب الاستثمار تغنينا عن الخوض في أعماق هذا الموضوع الحسّاس والشّائك في آن واحد نظرا للاستناد إلى القاعدة الذّهبية القائمة على تلك العلاقة الجدلية بين التّشغيل والاستثمار التي مآلها الطّبيعي توفير مناصب العمل ليس إلاّ.
في ملف «محليات الشعب» لهذا العدد، نتناول رفقة مراسلينا واقع التّشغيل في الجزائر العميقة انطلاقا من الإطار التّنظيمي المعروف باسم وكالات التّشغيل سواء الولائية أو المحلية، التي ترصد عروض العمل الواردة من المؤسّسات العامّة أو الخاصّة بناءً على التّشريع الذي يخوّل لها مهام استلام تلك المناصب إجباريا دون المرور عبر وسائط أخرى.
وبهذا تكون هذه الوكالات الفضاء الأوحد والوحيد في معالجة العروض، ليس من باب الإحتكار، لكن من ناحية التّحكم الإحصائي في المناصب قصد ضبط حقيقة نسبة البطالة الصّادرة عن الديوان الوطني للإحصاء ضبطا عمليا بعيد عن التّقديرات.
ومن الصّعوبة بمكان الوقوف عند نسبة مطلقة أو بالأحرى محدّدة بتلك الدّقة المتناهية لا لشيء سوى لأنّ حركية العروض مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدورة الاقتصادية، وهذه الأخيرة غير مستقرّة بتاتا اعتمادا على المؤشّرات القائمة منحنياتها تارة في الأعلى وتارة أخرى في تدحرج.
وقد يلاحظ هذا التّوجّه من خلال المعطيات التي وافانا بها مراسلونا، والمشيرة إلى أنّ هناك تراجعا في أداء الجانب الصّناعي، وهذا في حد ذاته تنبيه للسّلطات العمومية بالبحث في أسباب هذا التّعطيل، الذي انعكس بدوره على توفير أو توظيف اليد العاملة، علما أنّ هذا القطاع قادر حقّا على فتح آفاق واسعة في هذا الشّأن، في حين ما تزال الخدمات، البناء، الفلاحة بدرجة أقل تسعى لأن تكون في الموعد.
والإصلاحات العميقة وغير المسبوقة التي لحقت بآليات نشاط وكالات التشغيل، سمحت لها بأن تنظّم نفسها تنظيما محكما من خلال إضفاء طابع الشّفافية على عملها، وكذلك إرساء مبدأ تكافؤ الفرص بين طالبي العمل لن تكون هناك اعتبارات أخرى أرهقت النّاس فيما سبق.
وهذا التّصوّر الجديد يراه أصحابه بأنه أطّر الوكالات تأطيرا دقيقا، خاصة تلك التّطبيقات الذكية في مناطق الجنوب التي تشهد إشكالا حقيقيا في هذا المجال، ولا ذنب هنا لوكالات التّشغيل كونها تتلقّى عروض العمل من الشّركات البترولية فقط، وكل تلك الجهات على علم بمسار التّوظيف، غير أنّ الغضب يصب على العاملين في هذه المصالح إلى درجة غلق أبواب هذه المرافق، وأحيانا تأتي شروط أو مواصفات تلك الجهات المعنية أو صاحبة التّوظيف لا تتماشى مع طالبي العمل في المنطقة ممّا يستدعي جلب أيدي عاملة من خارج الولاية، وهنا يقع سوء التّفاهم.
وبالرّغم من كل هذا، فإنّ الإدارة المركزية للوكالة الوطنية للتّشغيل كانت تصدر نشرية فصلية تسمى «كونجكتور» «conjecture»، عبارة عن تقييم إحصائي لعملية عروض العمل في فترة محددة سواء منها الدائمة أو المؤقتة والقطاعات التي تقترح ذلك بعدها خبراء في الإحصاء تساعد على معرفة حقا حركية سوق العمل. وحاليا فإنّ انعدام مثل هذه الرّكائز الإعلامية المتوجّهة إلى صاحب القرار تجعل هناك ضبابية في متابعة دقيقة لهذا الملف، لاستكمال دعم حلقة الاستثمار وفق رؤية واضحة بعيدا عن الإرتجالية أو الهروب والقفز في المجهول.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024