خارج السرب

“رحم الله عهد الخلفاجي”

نوردين لعراجي
24 ماي 2019

أثارت حادثة تعدي تلاميذ الطور الاول بمدرسة أولاد يعيش بالبليدة، على المربية التربوية “المراقبة” حالة كبيرة من الاستياء والتذمر، وكشف الفيديو المتداول على صفحات التواصل الاجتماعي، عمق الهوة الخطيرة التي وصلنا اليها في تربية أبنائنا، وعوض مراقبتهم عن قرب وعن بعد، تركنا لهم الحبل بما حمل، والنتيجة نراها اليوم عميقة بين المدرسة والأجيال القادمة من جهة، وبين الأسرة والشارع من جهة أخرى.
تصرفات بعيدة عن أخلاقنا النبيلة، فلو تلقى هؤلاء “الأطفال” عفوا التلاميذ تربية سليمة في بيوتهم وأسرهم، هل كان يحدث هذا الذي حدث لسيدة مسالمة وخلوقة، وهي ترمى بل تقذف بالأتربة وبقايا الجير الأبيض في الشارع وأمام مرأى الجميع، سلوكيات مشينة لا يقبلها العقل تصدر من تلاميذ في أصعب مرحلة للتحصيل المعرفي والفكري، هل يعقل أن تتعرض أسرة التربية والتعليم لمثل هذه التصرفات الغريبة المسيئة للقيم والتقاليد؟
لوكانت المدرسة الجزائرية تملك مقومات المنظومة التربوية السليمة غير المغشوشة والخالية من مظاهر التقليد الغربي المعادي لقيمنا، لكان الأجدر لهؤلاء التلاميذ في الطور الابتدائي الهروب بجلدتهم، عوض التعرض لسيدة يفترض أنها تشرف على مراقبة سلوك اطفالنا ومرافقتهم في ساحة المدرسة وخارج أسوار الأقسام، حتى تكون عين الرقيب والحارس الأمين لهم جميعا، بل إنها تحمل هموم مئات الأسر ممن يتمدرس أبناؤها بالمدرسة الجزائرية.
أليست الساعات التي يقضيها الطفل في المدرسة أطول من التي يقضيها مع والديه؟ وعندما يكون داخل المدرسة، أليست الرقابة العامة هي من تسهر على ضبط سلوكه وتأديبه عوض الأبوين؟
الله يرحم أيام “الخلفاجي” عندما كنا بالثانوية زمن الأبيض والأسود، ونحن شباب يافع بالحيوية والنشاط، كان عدد الطلبة تجاوز المئات والمراقب العام المدعو “خلفاجي” الذي ذكرته في هذه السانحة لا أدري إن كان على قيد الحياة ربي يطول في عمره أوغادرنا فألف رحمة على روحه، عندما يقف أمام باب الرقابة، يصمت الجميع فلا تسمع إلا طنين الذباب، وحسراتاه لوتحرك تلميذ في الصف أو أحدث ضجيجا، يقعد له الدنيا ولا يقيم له وزنا.
كنا عند سماع اسمه نخافه؛ فما بالك عندما يقوم طالب بإحداث سلوكات غريبة، ساعتها تقام له القيامة، ليس من باب العنف إنما تربية وتكريسا لمبادئ الأخلاق النبيلة في نفوسنا، والنتيجة ان تلك الأجيال من الطلبة لازالت تحافظ على خط التماس بينها وبين من تسببوا في تعليمنا، لأكثر من نصف قرن من العمر ونيف، نهابهم ونخافهم احتراما وتبجيلا.
المدرسة الجزائرية اليوم تحتضر وعليها إعادة ورقة طريقها قبل فوات الآوان، بعد أن تنصل كل فرد من مهامه، غرقنا في الوحل ولا خلاص لنا إلا بالعودة إلى ترسيخ قيمنا الإسلامية التي حملتها الأسرة الجزائرية بالأمس القريب على عاتقها ولا نغفل عليها.. لأن عهد “الخلفاجي” لازال ماثلا في عقولنا وأفعالنا قبل فوات الآوان.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024