كلمة العدد

على شفا الحرب

فضيلة دفوس
28 ماي 2019

ما كنّا نحذّر منه طول السنوات الأخيرة وقع، وها هي ليبيا تتحوّل رويدا رويدا إلى بقعة التوتّر التالية بعد سوريا، حيث باتت اليوم ساحة لاحتراب داخلي تغذيه أطراف خارجية بالسلاح والإرهابيين الذين تم تحويلهم من منطقة الشرق الأوسط إثر إنهاء مهمتهم التدميرية للعراق وسوريا، ليباشروا مهمّة قذرة أخرى تستهدف هذه المرّة ليبيا وجوارها على وجه الخصوص.
لقد بات العالم أجمع مدركا بأن ليبيا هي اليوم على شفا حرب أهلية إن لم تكن قد سقطت في براثنها، وبأن صخب السلاح المتعالي لم يعد يترك مجالا لسماع أجراس السلام ودعوات الحوار، لتفتح أبواب جهنّم على المنطقة التي أصبحت في مرمى الجماعات الدموية والقوى الخارجية التي رفعت مستوى صراعها وتنافسها على نهب ثروات ليبيا إلى صدام دموي يخوضه نيابة عنها فرقاء هذه الدولة الذين دخلوا المصيدة بأرجلهم، وهاهم يتحوّلون إلى وقود لما سمّاها مفوض السّلم والأمن بالاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي، حربا بالوكالة مخطّط لها أن تخترق حدود ليبيا لتنسف أمن جيرانها المباشرين وأمن المنطقة بأكملها.
الجميع يدق ناقوس الخطر، ويؤكد بأن الانفجار القادم سوف لن يزلزل أركان ليبيا وحدها، بل سيهز الجوار كله، والمخاوف هذه عبّر عنها المجتمعون في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، الذين وضعوا أيديهم على الجرح، حيث أشار إسماعيل شرقي إلى أن الوضع معقد جدا بليبيا التي أضحت مسرحا لحرب بالنيابة عن فاعلين أجانب أغرقوها بالسلاح والإرهابيين، وحوّلوها إلى كتلة من لهب نيرانها مستعرة دون أن تحدها حدود.
بدوره أبدى المبعوث الأممي غسان سلامة قلقا بالغا لتأزّم الوضع في ليبيا، وقال إن هذه الأخيرة باتت على شفا حرب أهلية مدمّرة ما لم ينتبه اللّيبيون إلى الكارثة التي يجرّون إليها ويجنحوا إلى السلام وحلّ خلافاتهم عبر الحوار.
لقد تقاطعت كلمات المتدخلين في مجلس الأمن على أن الانفلات الأمني بليبيا يضع المنطقة كلها على كف عفريت، وهويسهم في إشاعة عدم الاستقرار بالجوار وبمنطقة الساحل الملتهبة، لهذا رافع الجميع لأجل استبعاد الخيار العسكري واستئناف العملية السياسية، فالسلاح لم يحل يوما مشكلة.
لن نضيف أكثر مما قاله هؤلاء، غير أننا نناشد مرة أخرى فرقاء ليبيا ليدركوا الفخ ّالذي وقعوا فيه، وليستوعبوا الدرس جيدا مما عانته ولا زالت الجريحة سوريا،  بعد أن تحول أبناؤها هي الأخرى إلى بيادق في يد جهات خارجية عبثت بهم وبأمنهم لمدة ثماني سنوات، ولم تتركهم إلا بعد أن دمرت بلادهم وحولتها إلى نار ورماد.
على الليبيين أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان وأن يسدّوا الأبواب في وجه التدخلات الخارجية التي كل همها ما يمكن أن تقتطعه من الكعكة الليبية وليذهب الشعب الليبي وأمن المنطقة إلى الجحيم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024