كلمة العدد

مؤشرات خطيرة

سعيد بن عياد
08 جوان 2019

خلف الديناميكية الاحتجاجية ذات الطابع ا«السياسي» تختفي مخاطر اقتصادية كبرى سوف تعصف بمكاسب المجموعة الوطنية وتضع البلاد على حافة انهيار مالي غير مسبوق يعيد معه شبح اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، بكل ما يترتب عنها من تداعيات تهدد الأمن المالي وتضع السيادة الوطنية في مواجهة مباشرة مع العولمة التي توظفها القوى العالمية المهيمنة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، عبر «كسر عضد» البلدان الناشئة.
بالموازاة مع تثمين الحراك لما يتميز به من سلمية وانتظام، هناك أوساط تدفع إلى إبقاء الوضع على حاله، دون تسجيل تقدم على مسار الحوار الشامل والمفتوح، من اجل مواصلة تعطيل الحركية الاقتصادية وتكريس حالة استسلام للأمر الواقع وانتظار وعود غير مضمونة في المستقبل، وحينها سوف تكون الفاتورة ثقيلة يتحملها المواطنون أكثر من غيرهم، مما يتطلب إدراك الخطر والتحول إلى التعاطي بعقلانية وتبصر مع المخارج الممكنة للأزمة، لتمكين البلاد من مواجهة التحديات.
لا يمكن تجاهل المؤشرات التي تصدر عن مراكز قرار اقتصادية عالمية ورسمية مثل مراجعة البنك العالمي لمؤشر النمو في الجزائر إلى 1.9 بالمائة السنة الجارية، وان كان هناك زيادة محسوسة مقارنة بتوقع السنة الماضية، غير أن المعدل يتراجع إلى 1.7 %في 2020 و 1.4% في السنة الموالية بدل توقع 1.8 % سابقا(حتى الاقتصاد العالمي يعاني من أزمة تعطل النمو).
 أما محليا، فالوضعية لا تبعث على الإفراط في «التفاؤل»، فان احتياطي العملة الصعبة لا يزال يعاني من التراجع، بتسجيل 79.88 مليار دولار نهاية سنة 2018، ويتواصل الاستنزاف رغم إجراءات الترشيد للحركية الاقتصادية، التي تبقى محدودة الأثر في غياب انتعاش للنمو، الذي يتطلب توفير مناخ ايجابي يعيد الثقة إلى عالم المؤسسات ويطمئن المهتمين بالاستثمار في مشاريع إنتاجية تحقق القيمة المضافة.
أمام وضع بهذه الهشاشة، ينبغي للفاعلين في الشارع، بما فيها الطبقة السياسية، والإعلامية والمجتمع المدني التنبيه إلى ما هو قادم حتى لا يفاجأ الشعب الجزائري حينها بما لا يطيق أن تتحمله الأجيال الجديدة المتطلّعة للرّفاهية، التي لا سبيل لإدراكها إلا بعودة عالم الاقتصاد بكل مكوناته، مؤسسات عمومية وخاصة، رجال أعمال جادّين ومستثمرين ميدانيين، إلى سكة النمو الحقيقي، القائم على المبادرة والابتكار والشراكة المنتجة للثروة وليست المبدّدة لها، في ظل إعادة ترتيب المشهد، مواكبة لحتمية التغيير العميق والبناء، بدءا بكسر شوكة الفساد والحرص على استئصاله وفقا لما يقتضيه القانون والقضاء المستقل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024