الثقة في المتعاملين الجادّين

سعيد بن عياد
22 جوان 2019

بالرغم من الصعوبات التي يواجهها الوضع الاقتصادي في الظرف الراهن، إلا أن مؤشرات عدة تفتح أفقا على ضيق مجاله، يمكن أن يكون أفضل إذا تم إدراك متطلبات النمو عن طريق اعتماد تكريس الفصل بين الشأن السياسي والوضع الاقتصادي، وتحرير المبادرة الاستثمارية بعد إعادة ترتيب دور الإدارة في السوق على كافة المستويات. حقيقة، الصدمة التي سجلتها المنظومة الاقتصادية في خضم تفعيل مسار مكافحة الفساد أحدثت في أوساط الفاعلين حالة ارتباك وتردد، غير أن إحالة المسالة إلى القضاء وإبعاد القرار الإداري عن معالجة الملفات، يحمل تطمينات جدّية ينبغي أن تبرز في السوق لإعادة الإمساك بخيط الثقة. بالتأكيد، يكلّف بقاء الوضع على حاله فاتورة إضافية تزيد بلا شك من عبء الأزمة المالية المرهقة، في وقت يجب أن يرتفع فيه معدل ترشيد النفقات، عن طريق رسم توجهات جديدة للمرحلة القادمة، تكون قائمة على معايير اقتصادية شاملة، تتقدمها ضرورة إسناد المنظومة الاقتصادية لكفاءات بشرية خلاقة ومبدعة لها القدرة على صياغة حلول ملائمة تساعد على إعادة تصحيح المعادلة. ولا تزال تتوفر إمكانيات وفرص ثمينة وإن كانت محدودة للانتقال من حالة الصدمة إلى المبادرة، في ظل بوادر تطهير المشهد من الفساد وتفكيك بنيته على كافة المستويات، مما يعيد الثقة إلى المتعاملين الجادين ويعزز مناخ الأعمال والاستثمار في ظل سوق تنافسية وشفافة يفوز فيها من يلتزم  بالكفاءة، الجدوى والجودة. إن إزالة الفساد لوحده، والذي لا تقل كلفته عن 10 ملايير دينار سنويا، جراء تضخيم الفواتير والتبديد والاختلاس وسوء استعمال الوظيفة خاصة في مراكز القرار الاقتصادي، يمكن أن توفر موارد مالية لها ثقل في الميزان، علاوة على الأثر النفسي الجيّد الذي يطبع كافة عناصر السلسلة الاقتصادية، بما فيها الضرائب التي تواجهها مهمة كبيرة ومصيرية بالتركيز على تنمية التحصيل الضريبي ومراجعة الملفات لتقويمها ماليا، وكذا إدارة الضمان الاجتماعي، بالحرص على مراجعة ملفات المؤسسات خاصة الواقع أصحابها تحت طائلة القضاء وتصحيح الخلل المحتمل في نسب التصريحات المسجلة. هناك جيوب مالية عديدة يمكن أن تساهم في تحسن مداخيل الخزينة العامة، على غرار مسح الاستثمارات المحلية والتدقيق في المشاريع بما فيها الأملاك التابعة للبلديات بمراجعة وضعيتها وفقا للقيمة السوقية للعقارات والمحلّات المختلفة. إن الوضع الجديد يضع الدولة في مركزها الطبيعي كضابط للحركة والنشاط الاقتصادي بكافة جوانبه، فيما تفتح السوق للمنافسة بين أطرافها، مؤسسات، متعاملين وأصحاب مشاريع وفقا للمعايير الدولية. توجد بلدان عديدة في العالم مرت بأزمات سياسية، غير أن اقتصادها حافظ عل وتيرته لتدرك الانفراج في ظرف زمني قصير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024