الحلول الوطنية لا تقصي أحدا

جمال أوكيلي
30 جوان 2019

الطبعة الجديدة للندوة السياسية للحوار المقررة يوم ٦ جويلية مباشرة عقب الإحتفال بعيدي الإستقلال والشباب تسعى للبحث عن الحلول المناسبة للظرف الراهن وهذا بالدمج ما بين ما هو دستوري وإنتقالي أي المقاربات الجامعة للتصور القائم على المسار الوارد في الدستور، والآليات الصادرة عن المرحلة الإنتقالية المطالب بها من قبل البعض وهو ما يتداول بإسم الحل الوسط فهل هذا ممكن عمليا؟
عندما يتعلق الأمر بخيار سياسي فإنه يصعب الذهاب إلى قاعدة الدمج وإنما القرار مبني على قناعة عميقة مفادها إما هذا أو هذا ولا يوجد ما يعرف بين «البينين» لأن نهاية ذلك هو التشويش على الآفاق القادمة من ناحية وضوح الرؤية في إعداد الأرضية المطلوبة لتجاوز سياق معين.
الحل الدستوري يعد ورقة طريق بارزة المعالم عبارة عن محطات مضبوطة بدقة لا غبار عليها تؤدي في نهاية المطاف إلى إنتخاب رئيس الجمهورية في آجال محددة لتفعيل أداء المؤسسات الأخرى.
أما طرح المرحلة الإنتقالية يصنف في خانة الحلول الفوضوية والإرتجالية، التي يخشى عقباها لا تتضمن أي خلفية دستورية بقدر ما هي إجتهادات شخصية تريد فترة فراغ ستكلفنا الثمن باهظا من ناحية تسيير الدولة تعود بالسلب على سمعة الجزائر خارجيا ليس هناك من يثق فيك عندما يكون المؤقت سيد الموقف وقد قاسينا ما قاسينا منها خلال التسعينيات بسبب مسار إنتخابي واليوم نحن في موقع يختلف، استقالة رئيس الجمهورية تقابلها حتميا المرجعية الدستورية وليس إقتراحا آخر عندما يتعلق بالحلول المرجوة.
على المشاركين في الندوة أن لا يتسرعوا في فرض حلول غير واقعية وغير مدروسة وأن لا ينبهروا بالأفكار القادمة من هنا وهناك بل عليهم التفكير مليا في نتائج نشاطهم هذا.
وهذا بوضع طموحهم السياسي جانبا والتخلي عن النرجسية لأن الأمر يتعلق بوطن تكون فيه المسؤولية غالبة عن باقي الأغراض الأخرى وسيسجل التاريخ مواقف كل من خدموه أو خذلوه في الظروف المعقدة.
هناك من يرفع اليوم شعار المشاركة الواسعة في الندوة القادمة للأسف إننا نلاحظ بأن هناك إقصاء مكشوفا ومفضوحا يمارسه البعض ضد البعض الآخر، وبكل حدة يكررون أحاديث تجاوزها الزمن منها «ما يجي حتى واحد منهم» ويقصدون بذلك الأفلان والأرندي، تاج، الجبهة الشعبية وكل من سار في درب حكم ما قبل ٢٢ فيفري ٢٠١٩.
كنا نعتقد بأن هذه الذهنية ولت إلى الأبد، لكن أحياها البعض وسقط هؤلاء في فخ من سبقوهم بتهميش الناس وإبعادهم، هناك تركيبة بشرية شريفة ووطنية في تلك الأحزاب لا يسمح لأحد بإقصائها هكذا بجرة قلم.. قد تكون لهم إضافة لا تجدها حتى عند منظمي الندوة لإخراج الجزائر من هذه الحالة السياسية.
كما أن على هؤلاء كذلك تفادي الصيغ السياسية غير العملية مثل التحالف الرئاسي الذي قادته أحزاب لا تؤمن به، وإنما أملته الظروف آنذاك بدليل الخلافات الحادة بينهم في خدمة الآخر، ويعود ما يسمى «بقوى التغيير» على شاكلة التحالف الرئاسي سالف الذكر، ليقصي جميع من يخالفونه الرأي، والأدهى والأمر هنا دخول نقابات مجهرية لا تأثير لها شعبيا على الخط لترفض محاورة السلطات العمومية. ما دخل نقابات ذات طابع مطلبي في الفضاء السياسي، إنها تداعيات الحراك الذي للأسف أفرز أشخاصا يجنحون إلى الحقد، وكراهية الآخر، والإنتقام، هذا ليس له علاقة بقيم العمل السياسي النقي الذي رفع رايته البعض قبل ٢٢ فيفري تلاه مباشرة السقوط في مستنقع آخر.. يستنسخ كل ما كان منبوذا من قبلهم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024