لقب تحقق بالعرق والدم

فنيدس بن بلة
20 جويلية 2019

لا يمكن لأحد البقاء خارج خرافية الاحتفالات بانتصار محاربي الصحراء في أكبر تظاهرة إفريقية جرت على مدار شهر من الزمن في أرض الكنانة مصر. كانت التظاهرة الكبرى لمعشوقة الجماهير الكرة المستديرة التي غطت على مختلف الأنشطة الرياضية التي جرت في مشارق الأرض ومغاربها، استثنائية في كل شيء باعتراف من تابعوها عن قرب وعاشوا أدق التفاصيل مؤكدين للملأ ما تحوز عليه إفريقيا من خصوصية وتمايز تمنحها قيمة إضافية وتجعلها محطة الأنظار دوما.
التظاهرة كانت استثنائية من حيث المشاركة الجزائرية بلاعبي منتخب وطني أثبتوا لمن قلل من شأنهم وأبعدهم عن التصنيف المستحق بهم وأبقاهم في ذيل الترتيب، أنهم الفريق المثالي الذي قلب الموازين ورفض الظروف الصعبة وجعلها قوة انطلاق نحو الأحسن، ومن المستحيل ممكنا في زمن التحدي الجزائري.
أظهر محاربو الصحراء أداء مميزا جاعلين من عناصر الفريق قوة تلاحم والتئام لا تقبل الاختراق ولا تسمح بمفاجآت إلى درجة لفتت انتباه من أهم أجدر بالتحليل الرياضي ومن أكثرهم تخصصا ودراية بالكرة المستديرة قائلين إن المعجزة حققها أبناء بلماضي الساحر الذي أعاد كرة القدم الجزائرية إلى الواجهة من بعيد بعد انكسارات وجروح ساهم فيها –للأسف- أبناء الوطن قبل غيرهم عبر الترويج لخطاب تيئيسي يعتقدون خلاله عدم نهوض هذه الكرة من كبوتها والانطلاق نحوالتتويج القاري والدولي مثلما عودتنا عليه أيام زمان وصنعت أفراح الجماهير في كل مكان.
التظاهرة كانت استثنائية للفرجة التي صنعها أنصار الخضر الوافدين على القاهرة بالآلاف فرادى وجماعات عبر جسر جوي أعاد إلينا سيناريو ما جرى في أم درمان مع بعض التباين في المكان والزمان والغايات. هؤلاء الأنصار الذين جعلوا من ليالي مصر نهارا بترديد أهازيج وأغان حماسية أطلقت من حناجر ساخنة هتفت لحياة الجزائر ولاعبي الخضر الذين يصنعون مجدها ويسوقون لصورة أخرى عنها: صورة الانتصارات والأفراح.
أضفى أنصار الخضر على «كان 2019 « في طبعته 32 ديكورا مميزا وأعطى قراءة مجددة لما دأبنا على سماعه من عبارة حفظت عن ظهر قلب أن الجمهور هو اللاعب رقم 12، بل هوالطرف الأساسي في معادلة انتصار أي فريق في أية مغامرة رياضية.
ليس من المفاجأة أن يتوقف المحللون الرياضيون وأكثر المختصين فهما للكرة المستديرة عند أنصار الخضر، ويعتبروهم من عوامل نجاح كان 2019 الذي جرى في بلد عربي وأكبر المتوجين فيه عربا، منتخبا، صانعي ألعاب، وحراس مرمى. وهي ظاهرة تحدث لأول مرة في تاريخ كأس أمم إفريقيا. ليس من الاكتشاف أن تخصص أكبر القنوات الرياضية وأشهر الصحافة المكتوبة حيزا لهذا الجانب الذي ساهم في انتزاع الجزائر نجمتها الإفريقية الثانية بعد حرقة انتظار وتلهف.
صدقت مجلة فرانس فوتبول التي أبرزت سبب فوز «الأفناك» مشيدة بدور الناخب الوطني بلماضي الساحر في جعل فريق متماسك يقهر الكبار معطيا حلولا لما عجز عنه من سبقوه في المهمة، مضيفة لهذا الإنجاز بالإضافة إلى أداء لاعبين مميزين، جمهورا من ذهب بث في نفوس الأفناك روح القتال بسماعهم هتافات لا تنتهي «وان تو ثري فيفا لالجيري» والانطلاق نحوالتاج الحلم الذي انتزع بالعرق والدم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024