«الموعـد الثّالث»... ممــر إجبــاري

جمال أوكيلي
12 أكتوير 2019

لا خيار أمام الجزائريّين اليوم سوى تثمين الموعد الانتخابي المقرّر في 12 ديسمبر القادم، كونه الفعل الدستوري الأكثر واقعية للانتقال إلى آفاق أخرى تفتح مسارا منظّما في ترتيب الأولويات السياسية للبلاد، انطلاقا من القناعة العميقة القائمة على رمزية رئيس الجمهورية فيما يتعلّق بالمهام المخوّلة له داخليا وخارجيا، إذ لا يمكن إحلال محلّه أي صيغة أخرى حتى وثيقة الدّستور تعد صارمة في هذا الجانب إذ حدّدت بدقّة فترة تولّي خليفته المؤقّت على أنّها لا تتجاوز التسعين يوما ثم العودة مباشرة إلى العملية الانتخابية المنصوص عليها.
نحن اليوم في سياق هذا المنطق، أي الإقرار الرسمي بالتّاريخ المعلن وكل الآليات المعدّة لهذا الغرض سياسيا وماديا؛ بمعنى توفير كل الشّروط الضّرورية منها السّلطة الوطنية للانتخابات وما مطلوب منها من تنظيم للانتخابات واستقبال ملفّات المترشّحين ومراجعة قوائم المنتخبين. وضمن هذا التوجه فقد تمّ نقل صلاحيات الإدارة في هذا المجال إلى السلطة، وهذا في حد ذاته منعطف حاسم في حوليات العمل السياسي في الجزائر، لم نقف عليه منذ عقود من الزمن أو قل نقلة نوعية وفصلا تاريخيا لتصحيح الهفوات السّابقة التي ألحقت الضّرر المعنوي بكل المساعي خلال المراحل الماضية، منها بالأخص فقدان الثّقة وحاليا نعاني حقّا من اهتزاز العلاقة بين المواطن ومؤسّساته.
والعمل المنجز في الوقت الراهن يعوّل بقوة على استعادة تلك الثّقة من خلال إقامة عوامل جديدة، منها إضفاء الطّابع الشفاف على القرارات المتّخذة في هذا الاتجاه، ومنح ضمانات ملموسة كحماية أصوات النّاخبين، هذا الخطاب يتردّد بقوّة في وسط أعضاء السّلطة الوطنية للانتخابات، إيمانا منهم بأنّ ذلك سيؤدّي حتما بالمواطنين إلى القيام بواجبهم الانتخابي وإقبالهم المكثّف على الصّناديق.
هذه المنهجية السياسية المتّبعة تسير في الاتجاه السّليم، ولا بديل عنها مهما كانت الظّروف، إذ من غير المعقول أن يبقى البلد بدون انتخاب رئيس منذ قرابة 8 أشهر، ولا ينسى السّائرون في البريد المركزي وساحة أودان ووجهات أخرى من الوطن أنّنا أجّلنا موعدين للانتخابات (أفريل وجويلية)، وهكذا فإن الجزائريّين لا يغامرون أبدا بتأجيل الثالث المقرّر إجراؤه في ديسمبر القادم.
وعلى هؤلاء التّفكير مليّا ومساءلة أنفسهم عمّا يدعون إليه كل جمعة، وما يرفعونه من مطالب تعجيزية يستحيل مسايرتها كونها خارجة عن نطاق البعض ممّن يخرجون في ذلك اليوم، مضمونها أكبر تترجم نوايا قوى خفيّة شعارها قائم على «اللاّءات» والراديكالية في المواقف، ترفض الانفتاح على الآخر ومناقشته في المسائل المطروحة، شغلها الشّاغل أن يأتي الحل من عندها، كيف هذا ونحن في الشهر الثامن؟ وما طبيعة هذا الحل الذي طال ولا يخرج عن نطاق التّشخيص؟! زيادة على وجود مؤشّرات إضافية تندرج في هذا الاطار من ضمنها دخول مطالب أخرى على الخط كرفض قانوني المالية والمحروقات، هذه ليست من انشغالات الحراك أبدا.
ومهما كانت القراءات فإنّ على أحرار هذا الوطن أن لا يضيعوا يوم 12 ديسمبر مرّة أخرى، وأيّ خطأ منّا سيكلّف غاليا ـ لا قدّر الله ـ  لذلك فما على الجميع إلا التحلي بالتّعقّل والحكمة، والتّخلّي في مقابل ذلك عن التّطرف حيال القضايا المصيرية للبلد بعدم التّشويش على الانتخابات بترك الشّعب الجزائري يقول كلمته الفاصلة لندخل مرحلة جديدة ما بعد اختيار الرّئيس الجديد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024