كلمة العدد

إنشغالات مزمنة

جمال أوكيلي
28 أكتوير 2019

المدارس النّائية..هكذا اصطلح على تسميتها في الأدبيات المحلية، ويعني بها مؤسّسات تعليميّة موجودة في مناطق معزولة بعيدة عن الحواضر الكبرى، لكنها جزء لا يتجزّأ من المنظومة التّربوية بكل حيثياتها البيداغوجية، فقط المسافة التي تفصلها عن المدينة صنّفتها ضمن هذه الفئة.
هذه الوجهة اليومية لتلاميذ القرى والمداشر تطفو انشغالات المجموعة المحلية المهتمّة بها في كل موسم دخول مدرسي إلى السطح، نفسها التي تتكرّر ويجترّها المهتمّون دون كلل أو ملل لعلّ وعسى تجد الحلول الفورية إن كانت في الآجال القصيرة، المتوسّطة أو الطّويلة.
وهذه النّداءات الصّادرة من الأعماق، والتي تحوّلت إلى صرخات استغاثة من الوجدان لتسوية وضعيتها وتحسين أدائها، لتقديم تلك القيمة العلمية المضافة كانت دائما محلّ إلحاح من قبل الفاعلين منهم الأولياء، المعلّمون، التّلاميذ، نحو السّلطات المحلية لإشعارهم بحالتها على كافة الأصعدة.
واستنادا إلى هذا التّشخيص، نسعى من خلال هذا العدد من محليات «الشعب»، إلى فتح ملف المدارس النّائية عبر الجزائر العميقة، نتناول فيه عيّنات في الولايات ماديا وبشريا انطلاقا من مسح شامل للوضعية الرّاهنة، وما فتئنا نسمعه ونطّلع عليه من النّقص المسجّل في النقل، الإطعام، التّدفئة، المعلّمين، المساعدين، وحتى الحراس ناهيك ما تعلّق بلوازم التّدريس، الكتب، الطّاولات، السبورات، الطبشور، والقائمة هنا لا تنتهي إذا ما رعينا سلسلة المطالب المتداولة على لسان المقرّبين من هذا الوسط البيداغوجي.
لذلك ارتأينا أن نثير هذا الموضوع الحسّاس والشّائك في نفس الوقت، حتى نضبط فعلا السّلبيات المؤثّرة حقّا في مسار عمل هذه المؤسّسات التّربوية هل صحيح مادية أم بشرية أو غيرها؟ يضاف إلى ذلك مسؤولية الجماعات المحلية في متابعة هذه الفضاءات وعدم تركها عرضة للإهمال، كونها مدرجة في إطار التّكفّل بها قانونا وفق الالتزامات المنصوص عليها والمعمول بها.
ولا يحق للمنتخبين المحليّين أن يتخلّوا عن هذه المدارس بسبب ادّعاءاتهم المتعلّقة بنقص الإمكانيات المالية، وعدم القدرة على الايفاء بالتّعهّدات الأخرى تتساوق مع المتطلّبات الآنية والمذكورة سالفا. وفي هذا الصّدد فإنّ السّلطات العمومية، تكفّلت بالإطعام والنقل والتّدفئة، وهذا بالتّنسيق مع البلديات الجهات الأقرب إليها من حيث التّكفّل، وينتظر أن يكون هؤلاء عند حسن ظن من منحوهم هذه الثّقة، في القضاء على كل هذه المشاكل.
وبهذا العمل نتخلّص من تلك الصّفة الملصقة بها ألا وهي النّائية، وتكون امتدادا طبيعيا لنظيرتها في عاصمة الولاية، لا تختلف عنها في كل شيء اللّهم الموقع فقط، وبهذا تسترجع رغبة المدير، المفتّش، المستشار، المساعد، والمعلم وحتى مدير التربية على الذهاب للعمل فيها وزيارتها كلّما تطلّب الأمر، ونقصد هنا الاستقرار بها وعدم هجرانها، وتركها أوكارا وأطلالا في الطّبيعة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024