حذار من المغالطات!..

جمال أوكيلي
26 نوفمبر 2019

لا يحق للاتحاد الأوروبي فتح نقاش سياسي عن الوضع في الجزائر، وإن تمادي في هذا الخطأ المتعمّد ولم يلغ الجلسة المقرّرة الشّهر الداخل فهذا يعني أن هناك نوايا مبيّتة انحازت لجهات «استلّت» أقلامها منذ عدة شهور لكتابة تقارير مغرضة عمّا يجري في هذا البلد، مطالبة بإلحاق الضّرر المعنوي بهذا الشّعب والتّشويش على المساعي الرّامية إلى الخروج من تداعيات ما بعد 22 فيفري.
نأسف اليوم عندما نلاحظ بأنّ الاتحاد الأوروبي سقط في فخ نصبه له دعاة الدّيمقراطية عندنا، بإيهامه بوقائع لا أساس لها من الصّحة ومعطيات مغلوطة لا تستند أبدا إلى الحقيقة، وكل ما في الأمر أنّ هؤلاء اعتادوا على تشويه صورة البلد عند الأجانب منذ أحداث التسعينيات عندما مارسوا ضغوطا رهيبة من أجل قدوم الوفد الأممي ومنظّمات حقوق الإنسان التي تدّعي بأنّها غير حكومية إلى الجزائر، والتقوا مع عديد الفعاليات النّاشطة على أكثر من صعيد.
الذين طرحوا بالأمس السّؤال الجهنّمي «من يقتل من؟»، لم يغادروا المشهد السياسي، عادوا بعباءة الحَراك بعدما كانوا يتاجرون بالإرهاب، رافضين كل النّداءات المطالبة إيّاهم بإدانة العنف كشرط مسبق للانخراط في العملية السياسية المقترحة آنذاك في إطار الحوار الوطني، وهكذا عطّلوا مسار التسوية آنذاك وحاربوا المبادرات لوقف النّزيف بين أبناء الوطن الواحد، من قانون الرّحمة إلى ميثاق السلم والمصالحة، وأرادوا أن يبقى الوضع على حاله.
إنّنا في نفس الصّورة تقريبا فيما يتعلّق برفضهم المطلق للخروج من الحالة الرّاهنة، بترك الوضع على ما هو عليه قصد تكبيله بأغلال تسيير الأزمة فقط دون برمجة الحلول نحو مرحلة أفضل من ناحية الأريحية الدستورية، بإزالة كل مظاهر ما هو مؤقّت، والتخلص من الدائرة المغلقة أو المفرغة التي تأبى إبعاد آجال التّسعين يوما، لا ننسى بأنّنا في الموعد الثالث منذ 10 أشهر لإجراء العملية الانتخابية.
لذلك فعلى الاتحاد الأوروبي أن يكون منصفا في هذا الشأن، ويراعي أو بالأحرى يحترم القرار الجزائري، خاصة ما تعلّق باستئناف المسار الانتخابي، الذي لطالما كان مطلبا دائما وملحّا من قبل كل من يسير على درب هؤلاء، فماذا سيناقش الاتحاد؟ هل الشق السياسي أم إثارة قضية شهادات لحالات من الأشخاص «حماسهم الفيّاض» و»حبّهم للزّعامة والظّهور» و»تأثيرهم في المجموعة» و»التحريض المباشر» كلّفهم متاعب مع العدالة.
يجب أن تكون الأمور واضحة هنا، أي لا يسمح للاتحاد إصدار أي بيان أو لائحة أو توصيات، لأنّ العملية الانتخابية تسير وفق القوانين المعمول بها، هناك سلطة مستقلّة لإدارة مسار الانتخابات تتمتع بكل الصلاحيات المخولة في هذا الإطار، وهي مستعدة لمحاورة كل من تساوره شكوك أو وقع ضحية مغالطات الآخر، أما أن يسعى هؤلاء لفرض إملاءاتهم فهذا مرفوض جملة وتفصيلا.
وستكون للدبلوماسية الجزائرية الكلمة الفاصلة لاحقا، من خلال تحرّك واسع النطاق لإبلاغ مسؤولي تلك البلدان، الاحتجاج الشديد على أي محاولة تهدف إلى الخروج عن الأعراف المعمول بها في مثل هذه المواقف الحسّاسة التي تمر بها الدول في مسيرتها من أجل إقامة المؤسسات لأداء مهامها.
لذلك، فإنّ الاتحاد الأوروبي مدعو إلى إلغاء تلك الجلسة، وترك المسار الانتخابي في حاله دون المساس به أو التأثير عليه، إن كان حقّا يدرك ما سيترتّب عن ذلك من ردود فعل شعبية إزاء أي خطأ قد يرتكبه البعض، بدأت معالمها تظهر من الآن في حماية القرار السياسي الوطني من أي تدخّل خارجي، هذه ليس عقدة بقدر ما هو وعي غير مسبوق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024