أكذوبة حقوق الإنسان والمعتقد

نورالدين لعراجي
30 نوفمبر 2019

يبدو عجيبا، أن خنق الحريات ومنع الممارسة الدينية وصلت ذروتها سقفا، لا يسمح بالصمت إزاء ما يحدث لهما في الجزائر، ففي عز الثورة الجزائرية، قدم الكثير من اليهود والمسيحيين، دعما لوجيستيا، ماديا ومعنويا للثورة ولم يتوان هؤلاء في كبح قدرتهم، وهم يرون البلد الذي ولدوا فيه وترعرعوا على أرضه،  يتعرض لغطرسة استعمارية استيطانية؛ وكان عليهم اختيار فرنسا، مهد الحريات والديمقراطية للوقوف في صفها؛ لكنهم أعطوها ظهورهم؛ فالتحق الكثير منهم بالجبال.
بعد الاستقلال فضل هؤلاء مواصلة بقية حياتهم في الجزائر، منهم من دخل الاسلام، ومنهم من بقي على ملته ودينه؛ وبقوا يعيشون ذلك التعايش السلمي مثلما نصت عليه التعاليم السمحاء للإسلام، والأدبيات الإنسانية، فكان الجهر بالانتماء الديني حرية فردية، لا تمنعها قوانين الدولة؛ لذلك سميت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ولم تسم وزارة الشؤون الإسلامية، بل تعايش كل الأديان.
 ظلت الكنائس ولاتزال تمارس طقوسها الدينية كما ينبغي لها أن تكون، مثلها مثل المساجد؛ فبقيت هيبتها كما هي؛ اختفت بعض المعابد من يهودها  لسببين اثنين، اسلام الكثير منهم؛ بينما فضلت البقية ممارسة الطقوس العقائدية داخل البيوت، في سرية تامة؛ ليس خوفا من النظام، وإنما هروبا من تلك النظرة الاجتماعية التي يوليها المجتمع لهذه الفئة أولها، القضية الفلسطينية، لأن الكثير لا يفرق بين اليهودية والصهيونية.
إلى وقت قريب أغلقت السلطات العمومية، ما يقارب العشرات من الكنائس بمنطقة القبائل، في كل من  بجاية وتيزي وزو، ليس لأنها ضد الديانة، كحرية معتقد، بل لأن  تلك البيوت حولها أصحابها إلى كنائس، لا تملك رخصة من الوصاية لممارسة الشعائر، وحتى وإن افترضنا أنها تمتلك الرخصة، فلا يمكن تحويلها إلى غير وجهتها الحقيقية، من فضاء ديني إلى ملتقى لمعارضة السلطة السياسية والدولة، لأن هذه الكنائس الجديدة لا توجد في الخارطة الوقفية، بل  تشتغل  في السوق السوداء مثل « الترابندو « وحري بالمصالح المختصة محاربتها وردعها عن أفعالها.
في العشرية السوداء هدمت «مصليات كثيرة «، عبر الوطن لأنها تحولت إلى أماكن للتحريض والفوضى، ونشر الفتنة وتجنيد الشباب للعصيان، ضد قوانين الجمهورية، فلم تتوان السلطات في اصدار قرارات  تهديمها، ولعل مصلى الاسفنجة بأعالي تيليملي « شومان دو لا بالري « خير دليل على ذلك، بعد اكتشاف مخبأ للأسلحة وبؤرة لتجنيد الإرهابيين الجدد.
لم نسمع يوما في الجزائر طيلة نصف قرن، أو يزيد أن هناك  قمع للحريات الدينية، اللهم إلا اذا كنا نقطن في مجرة أخرى، نجهل جغرافيتها، لذلك، لا نتردد عند سماع مثل هذه المرافعات الفاشلة، لأن الهدف منها ليس الدين كعقيدة، وإنما كمطية لاستمرار تمويل الحركات الاحتجاجية والعصيان في البلد، عن وجهته الحقيقية من طرف الجمعيات الكاثوليكية الصهيونية والفرنسية وغيرها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024