تطلعات العام الجديد

بقلم: أسامة إفراح
29 ديسمبر 2019

عرفت الجزائر سنة 2019 زخما كبيرا في شتى المجالات، جعلها من أكثر الأعوام تأثيرا في المشهد الوطني بمختلف زواياه. ولم يحدْ المجال الثقافي عن هذا الزخم، حيث أثّر وتأثر، بشكل نسبي بطبيعة الحال، بما شهدته البلاد من تحوّلات وتجاذبات.
لقد كانت 2019 فرصة لبعض المثقفين لكي يبرزوا أكثر، ويدلوا بدلوهم في المشهدين الثقافي والسياسي، ويرافقوا اللاعبين فيهما بأفكار وتحليلات واقتراحات.. بالمقابل، عزف مثقفون آخرون عن المساهمة، وصاموا عن الكلام والإدلاء بالرأي، وقد لوحظ ذلك على عديد ممّن اعتُبروا لزمن طويل أشهر الأسماء الجزائرية المُبدعة. صمتٌ فسّره البعض بأنه محاولة لتجنّب التموقع والتخندق، ورأى فيه البعض الآخر سلبيّة اقتربت من عدم الاكتراث واللامبالاة.
ولكن لا يجب أن نغفل عن وجود رأي ثالث، يرى أن الثقافة لطالما كانت العجلة الخامسة في المجتمع، وليس لها ذلك التأثير العميق كما هو في مجتمعات أخرى، لذلك سطت السياسة على مقدمة المشهد وكان لها الأولوية، وهي رؤية، إن صدقت، قد تكون صحيحة (بحكم الواقع) ولكنها ليست صحّية.
ولمّا كانت 2019، التي نعيش ساعاتها الأخيرة، سنة التحوّل والاستنفار بحثا عن الاستقرار، فسيكون من المجانب للصواب الحكم عليها وعلى مخرجاتها، بنفس الأدوات التي نقيّم بها حصيلة سنوات أخرى. لذلك فإن التطلّع إلى السنة المقبلة وما ستحمله للثقافة، قد يكون أقوى منطقا وأكثر فائدة.
بمعنى آخر: كيف سيتعامل الفاعلون في المجال الثقافي مع المستجدات التي تشهدها البلاد؟ هل سنشهد تنظيما قانونيا أكثر إحكاما لقطاع الثقافة؟ هل سينظم الناشطون في المجال أنفسهم في تكتلات أو نقابات أو جمعيات تدافع عن حقوقهم وتنقل تطلعاتهم ومشاكلهم للسلطات المعنية؟ هل سيتحرر قطاع الثقافة أكثر ويُفتح الباب للإبداع المستقل؟ وفي هذه الحالة كيف سترافق الدولة هذا الأخير؟ إلى أي مدى سنتمكن من المزاوجة بين التظاهرات الثقافية كخدمة عمومية والجدوى الاقتصادية لهذه التظاهرات؟ وهل سنعمل على وضع لبنات مشهد نقدي جادّ أم أنه سيبقى يدور في فلك المحاولات الفردية؟ هل سنعمل على التأسيس لنقاش الأفكار، ما من شأنه الارتقاء بثقافة الحوار، أم سيبقى غالبا الخلط بين النقاش والتراشق؟
وقد تتطلب إعادة بناء مشهد ثقافي سليم على أسس صحيحة، وتصحيح أخطاء الماضي دون إلغاء التجارب الناجحة، وقتا معتبرا، ولكن أن نبدأ أولى خطوات هذه السيرورة الآن أحسن بكثير من أن نتأخر وننتظر، في عالم لا أحد ينتظر فيه أحدا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024