منظومة صديقة للتلميذ...

أمين بلعمري
13 مارس 2020

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع، فيديو «تيك توك» لتلميذ جزائري في الطور الابتدائي، يغنّي ابتهاجا وفرحا بنهاية الامتحانات وبداية العطلة؛ فيديو لا يجب المرور عليه مرور الكرام، لأنه أكبر من مجرد مزحة طفل ولكن صرخة أجيال كاملة، أنهكتهم منظومة تربوية أثقلت كواهلهم بمحافظ تفوق أوزانهم أحيانا وأفرغت رؤوسهم، لأن البرامج الدراسية تفوق قدرتهم على الاستيعاب والفهم وحرمتهم حتى من حقهم في اللعب والتسلية، لأنه وبمجرد العودة إلى البيت على ذلك الطفل التوجّه مسرعا إلى الدروس الخصوصية علّه يفقه مادار في القسم، خاصة وأننا في زمن يدخر فيه بعض الأساتذة - سامحهم الله - مجهودهم وشروحاتهم للدرس الخصوصي ولا يقدّمون في أقسام المدارس إلا ما تيسّر، الخدمة الأدنى، لأن الأولياء أصبحوا مجبرين على إرسال أبنائهم، لأن البرامج الدراسية أصبحت معقدة ولم يعد في مقدور الأولياء مساعدة أولادهم ولا مراجعة الدروس معهم، فكيف نطلب من تلميذ في الابتدائي فهم ذلك الكم الهائل من المعلومات التي يتم حشوها في رأسه حشوا؟ ويا ليت الأمر انتهى عند هذا الحد، فحديث المدرسة والامتحانات أصبح الشغل الشاغل للأولياء والأمهات. وتكفي رحلة إيصال أبنائهم إلى المدرسة صباحا والعودة بهم إلى المنزل بعد الدوام؟
وغير بعيد عن مقر جريدتنا، نشاهد الازدحام الذي تتسبب فيه سيارات الأولياء المصطفة أمام ثانوية الشيخ بوعمامة (ديكارت - سابقا) في انتظار خروج أبنائهم؟
يجب أن نعترف أن منظومتنا التعليمية الحالية لم تنتج ولن تنتج تلميذا صديقا للمدرسة ولا محبا للعلم والتحصيل، بل على العكس أصبحت هذه الأخيرة تشجّع على التسرّب المدرسي، لأن التلميذ لم يجد فيها ما يجذبه إليها. المدرسة التي لطالما تغنّت بها أجيال كانت تنتظر شروق أنوار الشمس الأولى بشغف من أجل الذهاب إليها، بينما لا يذهب أطفالنا اليوم إلى مدارسهم إلا وهم كسالى؟
هذه كلها مؤشرات تجعل من إعادة النظر في المنظومة التربوية والبرامج الدراسية من أولويات الحكومة.
وكان الرئيس تبون، قد تعهّد بفتح هذه الورشة. لهذا يجب أن تكون الورشة التي تلي تعديل الدستور مباشرة، لأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار في إنتاج أجيال بـ «نورونات» محترقة مبكرا. بينما كان يتوهّم مَن وَضَعَ هذه المنظومة أنها ستنتج أجيالا متفوقة وسابقة لزمانها في التفكير، غير أن النتائج كانت عكسية، لأن البعض كان ينظر إلى هذا الطفل على أنه إنسان آلي ينفذ البرنامج التشغيل، بينما الإنسان هو كتلة معقّدة من المشاعر والرغبات؟!

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024