اتخذت كل الإجراءات الوقائية والاحترازية من طرف السلطات المعنية بما فيها وقف وسائل النقل العمومية والخاصة وكذا تسريح 50 بالمائة من العمال بغية الحد من انتشار كوفيد-19،الأهم الآن يقع على المواطن.. الرقم الأصعب في هذه المعادلة بأن يعي ضرورة بقائه في المنزل، والحد من تنقلاته اليومية، الجميل لوحظ في الأيام السابقة تحويل هذا الفيروس من مادة دسمة للسخرية والتنكيت إلى خطر محدق إن لم يتم الالتزام بكل ما أوصى به المختصون من إجراءات الوقاية.
سباق مع الزمن لجعل مواطن واع ومدرك بكل ما يحيط بهذا الوباء العالمي من خطر، العدو المجهول الذي أطاح بدول كاملة رغم كل ما تملكه من تطور تكنولوجي وطبي والسبب أنه عدو خفي يتغذى من استخفاف الإنسان به وعدم اتباعه للإجراءات الوقائية، هو الفيروس الذي سيعيد ترتيب أولويات العالم، ما يفرض حتما إعادة الحسابات بإعطاء الأولوية لصناعة مواطن يؤمن بشراكته المحورية في بناء وطن.
الأكيد أن المخاوف ستمضي قريبا، وسيكتشف العلماء لقاحا لهذا الفيروس الذي اصطلح على تسميته «كورونا»، لكن علينا أيضا أن نجد لأنفسنا لقاحا يعطينا مناعة ضد الأنانية، يغرس وعي بالدور الجوهري للمواطن مهما كانت رتبته الاجتماعية أو مستواه التعليمي في صناعة مجتمع متكامل ومتجانس، ولعل الدرس الذي قدمه الشعب الصيني دليل كاف على أن الأمة تبنيها الشعوب ، الانضباط الذي تحلى به أكثر من مليار شخص يجعلنا نتساءل كيف فشلت شعوب أخرى وهي لا تمثل سوى ثمن هذا العدد.
لا يمكن إرجاع هذا السلوك إلى الخوف أو معادلة سحرية لأنه مرتبط بشعور بسيط يستخف به الكثير منا هو مسؤولية الفرد تجاه الآخر، القاعدة الأساسية التي جعلت الصينيين يحتفلون بانتصارهم على فيروس كورونا، لذلك علينا إعطاء ضميرنا جرعة إضافية من الأوكسجين تحيي داخلنا لكي نستطيع تفادي غرق السفينة التي تحملنا جميعا على اختلاف توجهاتنا وأيديولوجياتنا.
أي تصرف معاكس هو صورة حقيقية لانتحار جماعي غير محمود العواقب ولن يكون الحديث هنا بعيدا عن هؤلاء الذين رفضوا الرضوخ للإجراءات الوقائية لأن الأمر هنا متعلق بنا جميعا، الأمر الذي يثير سؤالا مهما هو: أي جزائر يريدون وأي جزائرية يحملونها داخلهم .فعلا يفعل الجهل بصاحبه ما لا يفعله العدو بعدوه.
