«سفينة كورونا»

نورالدين لعراجي
23 مارس 2020

أثبت وباء «كورونا» للإنسانية ، قاطبة بكل دياناتها السماوية والوضعية، بأن الانسان هومجموعة من الاحاسيس والمشاعر موزعة بين الفرح والقرح ، الأمل والخيبة ، المرض المزمن والتعافي ، الفقر والغنى ، العالم والجاهل ، المحظوظ والمحظوظ عنه، السيد والعبد ، الكهل والفطيم، ... كل هذه الثنائيات تصنع الفارق في الحياة، فتجعلها غير متساوية ، طبقية ومركزية ، تحتية وفوقية ، آمرة ومأمورة ،لكنها تتساوى امام عظمة الموت وتشترك في نفس التسابق لجينات الخوف من المنية .
تغيرت المفاهيم واصبحت الحداثة المستوردة ، تشبه سفينة نوح المغشوشة ، السفينة التي لم تستطع حتى مواجهة التنور « كوفيد 19 « ، وأغرقت الركاب الفارين من ميقات يومهم المعلوم ، ورهنت البقية العالقة بين السماء والارض الى اجل مسمى .
انتشر الوباء وعم الداء وغرقت البشرية في سكرات الاحتضار، وليس الموت القاضية ، لان الانسان المصاب بالوباء يموت قبل بعثه وهوطريح الفراش بالنفس الاخير اشكالا اخرى نفسية ، عضوية وجسدية ، يتألم لها بشكل فضيع وهويرى مصيره امام عينيه ماثلا ، ولا يستطيع الطاقم الطبي فعل اي شيء .
حين عجزت المنظومات الصحية على مواجهة البلاء ، اقرت بذلك ، ولم يكن باستطاعتها المقاومة ، رغم المحن والكوارث السالفة، وبكل ما تملكه من التجارب الكبرى في اكبر مراكز البحث ، ومخابر النوعية الرقمية البيولوجية ، حيث يبقى افتعالها للفيروس من الحقيقة ام من الخديعة فذلك شأن اخر.
الأشياء تؤخذ بخواتمها، فلوأجزم أن كوفيد 19 صناعة استخباراتية غربية ، لاستطاعت هذه الانظمة الشمولية توقيف زحفه ، خاصة وانه يفتك حتى بمواطنيها ، وسكان المعمورة ، ولا يمس الخصوم وحدهم دون الاحبة ، اما انها تدرك عواقب ذلك واستمرت في تدمير البشرية ، عن طريق حروب جرثومية ، لم يشهدها العالم ، فهي مثل الذي خرق السفينة ليغرق أهلها، حتى تأتي الاجابة من الصين وألمانيا « على لسان موسى عليه السلام في القرآن ، «لقد جئت شيئا إمرا « ، ليكون بعدها التنافس خارج اطر الاعراف ، مصداقا لقوله «فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا «
هاهي الأسباب قد عرفت وهاهي النتائج السلبية تجر بعضها بعضا ، لا ندري متى ينتهي كابوس الوجع، وفي الوقت الذي تعيش البشرية أسوأ محطة في تاريخها الانساني، إلى اليوم، وعلى عكس كل الامراض السالفة التي اصابت المعمورة ، وشفيت منها بعد ابادة جماعية ، كالطاعون ، الملا ريا ، الجدري ، وصولا الى الانفلونزا الموسمية التي لم تكن موجودة في القواميس الطبية ، سواء انفلونزا «الخنازير » أوالطيور.
جاء «كوفيد 19»، بنوعيه «أ» و»س» ، عجزت المنظومة الصحية العالمية، عن مواجهة هذا البلاء ، فأرتفع معدل الوفيات الى نسب كارثية في الاسبوع الثاني من حلقة تطور الفيروس ، وهذا ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر الحقيقي ، في حالة ما اذا وصل الى طوره الثالث ، الن تكون هذه المحطة هي الواقعة ، التي ليس لوقعتها كاذبة ولا خاطئة .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024