كلمة العدد

حتـى لا تفقــد البوصلـــة !

سعيد بن عياد
18 أفريل 2020

لو أن الهبة التي ترسم حاليا المشهد في ظل «كورونا»، تمتد طيلة السنة في كل القطاعات لرفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، بفضل تضافر الجهود وانخراط الفاعلين في العمل الميداني وانفتاح الشركاء على بعضهم والأكثر جدوى التوجه إلى صياغة حلول علمية للمشاكل العالقة سواء مناجيريالية، إنتاجية أو تسويقية، تنير بوصلة النمو.
ينبغي الحذر من أن يتحول الوباء إلى مكبح يعطل عجلة النمو وديمومة خدمة المرفق العام؛ ذلك أن الدواء العلاجي الحاسم للفيروس التاجي الذي لايزال في مهد المختبرات والتحديات المصيرية قائمة لا تحتمل الانتظار كثيرا. ويستوجب الموقف المبادرة بالخروج من دائرة الصدمة ورد الفعل لمواجهة كوفيد-19 إلى مرحلة الفعل المتبصر بالتسيير العقلاني للظرف الصحي، وفقا لمقاربة مندمجة تراعي كافة الجوانب وأولها الاقتصادية.
في هذا الإطار، كان لزاما مرافقة المجهودات التضامنية التي ألقت بظلالها على كافة ربوع الوطن، بإجراءات تنظيمية من أجل تتبع مسار كل فعل تضامني وتوجيهه إلى الجهة الأكثر احتياجا ومن ثمة إضفاء شفافية أوسع حول هذا المشهد، الذي يؤكد أن هناك إمكانات وموارد وطنية ومحلية يمكن الرهان عليها في مسعى الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الناجمة عن انهيار أسعار النفط وتوجه العالم نحو تحول طاقوي يلوح في الأفق، ينبغي تداركه.
هناك مؤسسات، إدارات ومرافق عامة لا تحتمل تعطيل وتيرة نشاطها أكثر تحت تداعيات الظرف الصحي الراهن. ويمكن مراجعة نظام العمل فيها وترتيب مواقيته وفقا لقواعد التباعد الاجتماعي، لضمان ديمومة الخدمة واعتماد الرقمنة في معالجة الملفات وأداء الخدمات، على غرار بعض الفروع القضائية وكذا مرافق المسح العقاري والتسجيل وغيرها، وبطبيعة الحال المؤسسات الإنتاجية خارج المحروقات بالأساس، بكل ما يتطلبه ذلك من التزام بقواعد الاحتراز.
لقد أظهر الفيروس مدى فداحة عدم انخراط ممارسي الأنشطة، موازية وعشوائية، في التأمين الاجتماعي والتصريح من جانب أصحاب وحدات إنتاجية تعمل في الظلام.
لذلك يمكن استخلاص الدروس من هذا الوباء لتصحيح الأمور وتسوية الأوضاع المهنية، بما يحفظ حقوق الجميع ويمكن للدولة أن تعيل المعنيين من صناديق تتلقى اشتراكات وإتاوات ومساهمات في زمن الأريحية لتنفق خلال الأزمة، وهذا ملف يفرض نفسه في مرحلة ما بعد الوباء.
اليوم، الجميع أمام منعرج حاسم، في ظل ظرف لا يعطي فرصة لأي تأخر في تدارك الأمر. فقبل كورونا يعلم الجميع أن مستوى تدني مؤشر الإنتاجية الورقة الحاسمة في خلق الثروة، وينبغي توخي الحذر من تراجع المؤشر أكثر في مثل هذه الظروف، حيث تكون الكلفة باهظة لا محالة، مما يستدعي توسيع دائرة التشخيص وإدراج كافة المعطيات في لوحة القيادة، بحيث يتم الوصول إلى صياغة مخرج عقلاني يدمج المتطلبات الصحية والاقتصادية للحفاظ على وتيرة النمو التي تتطلب مزيدا من الجهد والاحتياط وعدم السقوط في التراخي أو ما يمكن تسميته الاحتياط السلبي للتوجه إلى نمط جديد لسوق العمل وإدارة المؤسسات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024