كلمة العدد

ضاع الأمل..

جمال أوكيلي
18 ماي 2020

الهبة التضامنية المنقطعة النظير لمواجهة وباء تفشي كورونا في الجزائر أفرزت قيما اجتماعية جديرة بتعزيزيها ودعمها وحتى الاحتفاظ بها منها بالأخص التطوع لدى الأفراد والجماعات من أجل خدمة العناوين الكبرى التي تفرض نفسها اونتيجة الأحداث ذات الطابع الاستثنائي التي تستدعي مرافقتها في الحين دون أي تأخير.
وثقافة التطوع ليست غريبة عنا في نواحي معينة من الجزائر العميقة تعرف باسم» التويزة» كل من يقدم على انجاز عمل معين يلتف حوله أناس القرية من أجل مساعدته مجانا دون مقابل يذكر منزلا وما يسمى بـ«النادر» وهو تخزين لأعلاف الماشية او جمع الزيتون.
هذه الذهنية الحضارية في أسمى صورها كانت حاضرة بقوة خلال تشجير مناطق التل الفاصلة مابين الشمال والجنوب عن طريق السد الأخضر، وهو حزام من الأشجار لمنع زحف الرمال كما ظهرت أكثر في طريق الوحدة الافريقية وحملات التطوع لفائدة الثورة الزراعية من قبل الطلبة والعمال.
مثل هذه الارادات الشعبية اختفت منذ السبعينات وحلت محلها عقليات شعارها «إدفع.. ترفع» سقطت كلها من برامج التنمية المحلية، بازاحتها كليا من أي مسعى في هذا الشأن كأداة عملية تساعد السلطات العمومية في انجاز البعض من مشاريعها على مستواها ولا نرى مثل المبادرات سوى في مناسبات محددة في الرزنامة كاليوم العالمي للشجرة الذي تنظم فيه حملات لغرس أنواع من النباتات.
هذه  الخلفية التاريخية جدير التذكير بها من باب أن هذا النشاط ليس غريبا عن الجزائريين بتاتا بل هوجزء من قناعتهم العميقة في بناء وتشييد البلد في الظروف غير العادية بالمساهمة الكلية وبالانخراط الكامل في هذا المسعى الوطني الشامل لصالح الشعب الجزائري.
لم نقف فعلا على مثل العمل بعنفوانه الإخلال الفترة الأخيرة من إنتشار كوفيد 19بظهور مبادرات فردية وجماعية مهيكلة وغير مهيكلة إقتحمت الميدان بكل ماتملك من كفاءات علمية ومهارات مهنية من أجل مساعدة  كل من تضرر جراء تداعيات كورونا جلهم شباب يضحي من أجل خدمة الآخر في ظروف قاسية جدا خاصة في المناطق النائية التي تتطلب شروطا معينة حتى يصل اليها هؤلاء صناع الأمل، وناشرو الخير لرفع الغبن على العديد من سكان تلك الأماكن.
وعليه ، فانه علينا الاستثمار في هذا الخزان البشري الذي لاينضب وهذا بالتمعن جيدا فيما قام به كل من آمن  بهذا المبدأ الانساني العالي، الذي لايقدر بثمن وذلك بتقييم هذه التجربة غير المعلنة والقائمة على الفعل الذاتي لإسعاد الآخر، في الحدود الممكنة وعدم ترك الفراغ سيد الموقف حتى لايشعر أي أحد بأنه وحيد لايجد من يتكفل به.
وفي هذا السياق، فان النقص او العجز الذي يسجل هنا وهناك وجد من يتكفل به حاليا بعد أن هب الجميع من أجل صناعة الكمامات ومواد التطهير، الألبسة الواقية والبعض من الأجهزة كما أن العديد من الشباب تنقلوا الى جهات بعيدة من أجل مساعدة العائلات، والمرضى والمسنين بتوفير لهم كل ما يلزم من مواد غذائية وأدوية.. ليحدث ذلك التكامل الهادف من أجل التخفيف عن الآخرين في الظروف الصعبة.. وتظهر تلك الحيوية في المجتمع خاصة تلاحم أفراده وقدرتهم على التقليل من الآثار المترتبة عن الهزات غير المتوقعة في الوقت المناسب..وهذاما وقفنا عليه خلال وباء كورونا منذ تفشيه في ربوع البلاد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024