كلمة العدد

سطوة الاحتلال

فضيلة دفوس
16 جوان 2020

يبدو أن إسرائيل عازمة بالفعل على ضم أجزاء من الضفة الغربية  بحلول الشهر القادم مستفيدة من الحماية الأمريكية المعهودة ومن دعم الرئيس دونالد ترامب تحديدا الذي كان أكثر الرؤساء المتعاقبين على البيت الأبيض «سخاء» مع الكيان الصهيوني، فهو الذي منحه القدس الفلسطينية المحتلة على طبق من ذهب في 6 ديسمبر  2017 لتكون عاصمة له، وقرّر  في 14 ماي 2018 الذي صادف الذكرى الـ70 لاحتلال فلسطين وقيام إسرائيل نقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس، وواصل عطاءاته لدولة الاحتلال  بتقليص المساعدات الموجّهة لوكالة غوت وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، كما أغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن،وجمّد حساباتها المصرفية قبل أن يطرد السفير الفلسطيني، ليتوّج ترامب دعمه اللامتناهي لإسرائيل واصطفافه إلى جانبها بـ «صفقة القرن» التي تمّ الكشف عن تفاصيلها في 28 جانفي الماضي والتي فاجأ محتواها حتى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو نفسه الذي قال: مندهشا «الخطة تتضمن في جوهرها أساسيات لم نحلم بها.. هي أشياء كنا نقاتل من أجلها منذ سنوات وقد حققناها أخيرًا» ، طبعا فالصفقة  التي تحاول إغراء الفلسطينيين بإقامة دويلة محصورة في أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، تنصّ على عدم تفكيك المستوطنات ما يعني  ضمّ الأراضي التي تقوم عليها إلى إسرائيل، وتجعل من مدينة القدس المحتلة عاصمة غير مقسمة للاحتلال، وتضع الأغوار تحت سيطرة تل أبيب، كما تلغي الخطة تماما عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجّروا منها عام 1948، رغم وجود قرارات دولية تطالب بعودتهم.  
نتنياهو لم يفوّت ما وصفها بـ « الفرصة التاريخية» لضم أجزاء من الضفة الغربية، و قرّر أن يستعجل التنفيذ خشية أن ينهزم دونالد ترامب في الانتخابات القادمة و يأتي بعده من يعيد النظر في صفقة القرن، أو  لا يكون في مثل انجرافه مع الأطماع الإسرائيلية، لكن يتجاهل نتنياهو الذي يتميّز باستعمال سطوة الأمر الواقع الاحتلالي على الأرض، بأن قرار قضم جزء آخر من المساحة الفلسطينية سيؤدي إلى تدمير الآمال الواهنة لحل الدولتين وسيكون بمثابة إشعال عود الثقاب في منطقة مشبّعة بأسباب  الغضب والانفجار .
إسرائيل  لا تكترث للشرعية الدولية ولا لقراراتها، و العالم في الغالب يكتفي بإدانة خروقاتها و استنكار انتهاكاتها دون أن يفعل شيئا ملموسا، وأمريكا كعادتها تبارك خطواتها وتحمي ظهرها ليبقى الحديث عن السلام و الدولة الفلسطينية مجرّد أضغاث أحلام ووعود تسرق الحقوق و تقتل الآمال و تغرس في القلوب و الأفئدة مرارة الظلم والألم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024