الوجه الآخر

«بين وبين»

فتيحة كلواز
21 جويلية 2021

 غالبا ما يكون التّعبير عن السّرور والفرح مرتبطا بـ «سيلان» جارف من المشاعر الفيّاضة التي تغمر الحالة النّفسية للمرء حتى يفقد السّيطرة، ويعجز عن التحكم بها، صوت «البوق» المدوّي، زغاريد وصراخ ومنبّه السيارات..كلّها صور تسود يوم إعلان نتائج امتحان البكالوريا، إفراط كبير في التعبير عن الفرحة يتناسى في غمرته هؤلاء حزن واحباط من فشلوا في اجتيازه.
حقيقة إن النّجاح فرحة لا يضاهيها شيء لكن كسرة الفشل أيضا صعبة على صاحبها تحتاج إلى من يتلطّف للتخفيف من أثرها ووقعها، لذلك كانت المبالغة في إظهار فرحة النّجاح لدرجة رفع رايات الأعراس والليالي الملاح امرا مستهجنا وغير مقبول، خاصة وأنّنا نعيش في ظرف استثنائي نَصْحُو في كل يوم على وقع أخبار الموت التي يصنعها الوباء المستعر في موجته الثالثة.
يكفي النّاجح زغاريد وتبريكات للحيلولة دون تحوّلها إلى ازعاج حقيقي بسبب الألعاب النارية التي يشعلها المراهقون فرحا بنجاح أحدهم غير آبهين بالمحيط، فلا المرضى ولا المحزونون في عزير ولا راسب في الامتحان يستطيع توقيف هذا الفرح الهيستيري.  
ألا يمكن أن يكون الفرح نبيلا وخلاّقا؟ ألا نستطيع ان نرتقي بمشاعرنا الإنسانية حتى يكون الآخر في صلب اهتماماتنا ساعة تعبير الروح عن سعادتنا؟ ألا نستطيع تجاوز لحظة الأنانية والتفكير في الذات بالاهتمام بحزن من كسرهم الحزن والألم؟ ألا يجب أن نتجرّد من الغرور والاستعلاء ونبتعد عن رؤية الذات وحدها؟ فعندما لا يرى الانسان إلا نفسه سيحترق لا محالة بنار الأنانية، لذلك كان لزاما أن نراعي غيرنا في مشاعرنا بعيدا عن «الإفراط» أو «التفريط»، حتى نستطيع بناء علاقة تقوم على الصدق والمشاركة.
سيرفع اليوم الحجاب عن قوائم الناجحين في شهادة البكالوريا لتتعالى الزّغاريد وتسيل دموع الناجحين والراسبين، فواحدة تحرق خد صاحبها فرحا وأخرى تكسر قلب صاحبها لفشله في تحقيق آمال وأحلام آباء غالبا ما تكون الشّهادة أثمن هدية يقدّمها الأبناء لهم، فرفقا بهؤلاء ومبارك نجاح الغانمين وحظ موفّق للرّاسبين، الحياة عثرات تكسرها إرادة لا يهزمها الفشل.    

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024