رسالة اعتذار إلى فلسطيني..

م. كاديك
20 نوفمبر 2023

 

معذرة أيها الفلسطيني العظيم..
صرت أستحي أن أوجه إليك الكلام.. لم أعد أملك - في حضرتك - سوى النظر إلى الأرض، فأنا لا أحتكم إلا على الكلام، وهو لا يقدّم ولا يؤخر في المأساة التي تعيش.. ماذا تفيدك متابعتي للجرائم التي يقترفها في حقّك الصّهاينة؟!.. ما جدوى الوقوف في طابور أولئك الذين يتناقلون أعداد الشّهداء؟ هل تنفع قصائدي ورواياتي وخطبي؟! هل تكفكف دمع ثكلى، أم تربت على كتف يتيم؟!.. هي مجرد كلام لا ينفع في عالم مصاب بالصّمم..
معذرة أيها الفلسطيني العظيم..
البارحة تابعت جلسة إذاعية حول الوضع بفلسطين.. كان منشط الحصة يتحدث بلهجة حزينة.. المتدخلون كلهم قدّموا الأدلة والبراهين على حقك الشرعي في الحياة.. دعوا إلى تدخل الأمم المتحدة.. دعوا إلى وقف إطلاق النار.. دعوا إلى إنقاذك من براثن الصهاينة الهمج.. لكن الألم كان حاضرا بكل تجلياته، فقد اتصل المنشط بفلسطيني من غزّة الجريحة، ووجد هاتفه مغلقا.. ولم تكن سوى لحظات معدودة، حتى جاء نبأ استشهاد ذلك الفلسطيني الذي كان ينبغي أن يقدم صورة عن الوضع في غزة.. رقمٌ جديد يضاف إلى باقي الأرقام، في عالم مصاب بالعمى..
معذرة أيها الفلسطيني العظيم..
لا أعرف كيف صبرت على رؤية صورة ثكلى تعانق رضيعها الشهيد.. كانت تشدّه إلى صدرها بقوة، وترفض أن تفارقه.. لا أعرف كيف تلبستني، فأحسست بخفقات قلبها في أعماقي.. أحسست بأن جسدي ينسحب مني، ويتفرق على آلاف النساء والأطفال.. ما الذي يحدث؟!.. أناس كثيرون في منازلهم، تتنزل عليهم القنابل دون ذنب اقترفوه؟!.. تسمّعت إلى هدير التفجيرات.. أين المفرّ؟! العالم كله صار من حولي نارا ملتهبة.. أحسست بأشلائي تتمزق.. في عالم نسي معنى الإنسان..
معذرة أيها الفلسطيني.. وحدك الإنسان..
ولا نامت أعين الجبناء..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024