قيم في مهب الرّيح

مع اقتراب حلول العام الجديد ٢٠١٥، أصبحت القيم والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتّحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحتى ديباجة المنظّمات الإقليمية تحت التّهديد، فحقوق الإنسان والحريات الشّخصية والدّيمقراطية في مختلف أنحاء العالم تتعرّض للمخاطر والانتهاكات، حتى بالبلدان المتبنّية للمثل الديمقراطية.
يعيش المجتمع الدولي حالات من الانقسام تحول دون أي تقدّم في التّعامل مع التحديات المطروحة، بدءا بالأزمات العربية ونواتها القضية الفلسطينية، ثم الأزمة في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها.
مجلس الأمن الذي أنشئ لتحقيق السّلام في العالم لم يوفّق في ذلك، وبقيت الكثير من المناطق وبؤر التوتر على ما هي عليه إن لم نقل زادت استفحالا، وهذا راجع لتضارب المصالح بين وحدات المجتمع الدولي.
ولم تعد المنظّمات الدولية تقوم بالدّور المنتظر منها، فلجأت بعض الدول إلى استعمال القوة والتدخل في شؤون دول أخرى دون أن تحظى بالموافقة المبدئية لتلك التّنظيمات فكانت حلولا ترقيعية وليست جذرية، حيث لعبت الحلول العسكرية الفاشلة في أفغانستان والعراق وسوريا وليببا دورا كبيرا في تقسيم وحدة المجتمع الدولي، وتراجعت الثّقة لدى شعوب هذه الدول التي يراد لها أن يحدّد لها مصيرها بدل تحديده بنفسها.
وبقيت المؤسّسات الأكثر أهمية التّابعة لمنظّمة الأمم المتحدة كمجلس الأمن الدولي وغير التابعة لها مثل البنك الدولي للإنشاء والتعمير، صندوق النقد...خاضعة لهيمنة المنتصرين الأمريكيّين والأوروبيّين في الحرب العالمية الثانية.
وعندما نتطلّع إلى عام ٢٠١٥ وما بعده، ندرك أنّ العالم في حاجة ماسّة إلى زعماء شجعان قادرين على رؤية  الصّورة الكاملة من خلال نظرة استشراقية طويلة ومتأنية.
فمع تأرجح القوة العالمية صعودا وهبوطا تكمن مصلحة الجميع في التّمسّك بنظام عادل القواعد، تحترم فيه السّيادة الوطنية والحقوق الفردية.
فمن مصلحة الجميع أن يلتزموا بالقواعد، ويسمحوا للدول الصاعدة بالمساعدة في صياغة هذه القواعد، ولابد أن يتوسّع مجلس الأمن حتى يتسنّى للدّول النّامية التي تمثّل الأغلبية أن تحظى بحقوق تصويت أكبر في صندوق النّقد الدولي والبنك الدولي المنشئين في اتّفاقية بريتون وودز بعد الحرب الكونية الثّانية.