قطاع بعيد عن الأضواء

جمال أوكيلي
18 جانفي 2015

المنظومة العقارية في الجزائر أخذت أبعادا اقتصادية بحكم توسّع دائرة الاستثمارات عبر مناطق عديدة من نقاط الوطن، وهذا في شكل مؤسسات ومبان وقطع أرضية وسكنات ومحلات. وجل هذه “التراث” لا يخضع لتنظيم قانوني معين يضبط كيفية مرافقة هذه المسألة الحسّاسة من كل النّواحي.

هذا القطاع يزداد اليوم تعقيدا إلى درجة لا يمكن أو بالأحرى استحالة التحكم فيه بالشكل الذي يريده المشرّع خاصة، كونه سقط في أيدي أشخاص تحوّلوا إلى مضاربين في التّعامل مع الأراضي وغيرها من العقارات المذكورة سالفا انطلاقا من اعتباره يحمل صفة “ملك خاص”.
هذا ما أدّى إلى انفلات هذه “الظّاهرة” من أيدي كل من يرغب في إعادة تنظيم واقع وآفاق العقار عندنا، هؤلاء الخواص احتكروا كل ما بحوزتهم، كل من له عقار، أو محل، أو مسكن أو فيلا يتصرف في مصير ذلك وفق أمزجته.
وأولى هذه التصرفات للذّهنية الاحتكارية تحديد أسعار خيالية للبيع أو الكراء، تجاوزت أحيانا المعقول خاصة في المدن الكبرى كالجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة، عنابة، وغيرها من المناطق التي أصبح يستحيل فيها الحصول على أرض أو محل دون دفع أموال طائلة، وصلت إلى مستوى الذّهول أحيانا، ولا تدفع تلك المستحقات شهريا بأوانها وإنما سنويا. وما يسجّل اليوم في السوق عند الخواص يندى له الجبين، وهذا بفرض منطقهم الغريب في بيع المتر الواحد بسعر تعدّى كل المؤشّرات المعقولة في مثل هذه الأشياء الحيوية، مستغلّين ما تسدّده المؤسسات خاصة التي تنشط في اختصاصات ذات مداخيل ضخمة كالهاتف النقال، والبنوك، والخدمات الأخرى، هذا ما أثّر كثيرا في منظومة العقار في الجزائر، واصطدامها بسلوكات عجيبة أحيانا ونقصد بذلك وقوعها في دائرة البارونات، الذين لا يسمحون لأي كان أن يتصرّف في هذا الأمر دون العودة إليهم أو استشارتهم فيما يخص وفرة وقيمة العقار، وهذا واقع نعيشه يوميا ويقف عليه كل المهتمّين بالاستثمار وغيرها من الانشغالات.
ولابد من الإشارة هنا، إلى غياب نصوص تنظّم مثل هذا النّشاط، إذ هو خاضع لحرية مطلقة هذا ما عقّد كثيرا أي مسعى للتحكم فيه من ناحية القانون فقط، الذي بإمكانه وضع حدّ لكل تصرف غير محدود في الصّفقات التي تتم بدون العودة إلى أي مرجعية، ماعدا الأوراق الصادرة عن الموثق، وفي كثير من الأحيان يقع البعض في تحايل جراء التعامل غير الشرعي نتيجة استلامهم وثائق إدارية من البلدية، في حين أنّ الأمر يتعلق بعقود صادرة عن أملاك دولة، وهناك من يتعامل بما يسمّيه بـ “الكلمة” وآخر بعامل “الثقة”، ثم يجد نفسه في فترة وجيزة محل مطالبة بإخلاء المكان فورا بالرغم من الأموال الكبيرة التي دفعها، وهذا في كل أصناف العقار.
للأسف هذا ما يحدث في هذا الوسط، وفي كل مرة يتداخل هذا الملف أكثر فأكثر ليخرج من يد الجميع ويبقى بدون نظرة أو محاولة لتسويته.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19444

العدد 19444

الأحد 14 أفريل 2024
العدد 19443

العدد 19443

السبت 13 أفريل 2024