القناعة الراسخة اليوم لدى السلطات العمومية هي الماضي قدما باتجاه مسار التنمية الاقتصادية في الجزائر وهو الخيار الذي لا يمكن التراجع عنه أبدا بحكم الورشات المفتوحة في العديد من القطاعات الحيوية التي لها صلة مباشرة بالمواطن وكذلك تسجيل المزيد من المشاريع ذات المنفعة العامة والخدماتية.
هذه الإرادة لا تنطلق من فراغ أو مجرد خطاب وإنما تندرج في إطار تصور واقعي وعملي كذلك.. بوادره الملموسة جاءت في قانون المالية التكميلي الذي وضع الآليات الضرورية الدقيقة لمواجهة أي طارىء كانت أساسا في تدعيم مداخيل الدولة عبر ترسانة من التدابير الاستعجالية التي سارعت إلى تصحيح البعض من النسب عند الاستيراد مثلا.
هذا كله من أجل السعي بالخصوص إلى إبقاء ما تم برمجته مسطرا وقائما لتفادي كل ما من شأنه عرقلة أي إنجاز.
وبالتوازي مع ذلك، فإن قانون المالية لسنة ٢٠١٦ سيكون صارما في مسألة نفقات ميزانية التسير، مع دراسة معمقة تجاه الاستثمارات العمومية، هذا لا يتناقض مع التوجه الأول وإنما يعززه نحو التوصل إلى إطار واضح يستند على مقاييس عمل تراعي أي نشاط يراد القيام به في المستقبل والهدف من ذلك هو بلوغ سقف من القدرة قصد الانتقال إلى موعد النمو والابتعاد عن المحروقات بالشكل الذي هو عليه اليوم.
وإن كانت المهمة «صعبة» لكنها ليست مستحيلة كون هناك عوامل مادية وبشرية تساعدنا على الوصول إلى هذا المبتغى، منها كل هذه الكفاءات العلمية والإمكانيات المتوفرة عبر كامل الجزائر، من أجل خلق الثروة، وإيجاد القيمة المضافة والرهان كذلك على مصادر جديرة بأن تكون في مقدمة هذا الخيار كالفلاحة والصناعة.
وهذه هي الإمكانيات لمواجهة هذا الوضع الطارىء أي الإعتماد على القدرات الذاتية للجزائريين، والإيمان بالحلول الوطنية التي تبعدنا عن الآثار المترتبة عن ذلك خاصة إعادة الإعتبار لقيمة العمل وجعله في مقام الأولويات لأنه المنطلق لأي سياسة اقتصادية، فالكثير من البلدان التي تتعرض إلى هزات مالية خارجة عن نطاقها وتتحكم فيها أطراف أخرى عملت جاهدة من أجل أن يكون المجهود الفكري والعضلي أي العمل المسلك الوحيد للتقليل من انعكاسات تلك الحالات.
وكل الرهانات الصادرة عن بعض الأطراف سقطت سقوطا حرا كونها بالغت في تحاليل ذاتية أكثر منها موضوعية وذهبت إلى توقعات خاطئة لا تمت بصلة إلى الواقع مكتفية بالتشخيص القائم على التهويل بدلا من تقديم الحلول التي نراها مناسبة في سياق كهذا والجميع يتذكر بأنه في منتصف الثمانينات انخفض سعر البترول إلى مابين ٧ و ٨ دولارات. واليوم يوجد في خانة ٤٠ دولارا فما فوق لنلاحظ الفارق فقط.
وقد جاءت تأكيدات السلطات العمومية في افتتاح الدورة الخريفية لتفند كل تلك الادعاءات الباطلة بخصوص التراجع الحاد في أسعار البترول وما سيترتب عنه حيال الجزائر والرسالة لا غبار عليها وهي:
أولا: التمسك بالبرامج التنموية عبر كامل الولايات وهو خيار الدولة الجزائرية لابديل عنه.
ثانيا: العمل على التكيف مع المستجدات خاصة الخارجية المرتبطة بالتغيرات في أسعار النفط والسعي للتخفيف من آثارها من خلال الآليات والإجراءات المتخذة.
ثالثا: التوجه نحو مفهوم النمو في العملية الاقتصادية والعمل على الخروج من قبضة المحروقات.
رابعا: تحسيس المتعاملين العموميين والخواص بضرورة مراعاة متطلبات السياق الراهن وتقدير مقتضياته أحسن تقدير وهذا بالحرص على المصاريف والنفقات.
حتمية الانتقال إلى مرحدة النمو
جمال أوكيلي
02
سبتمبر
2015
شوهد:705 مرة