عندما يتحول المهاجرون إلى مجرد رقم ..

أمين بلعمري
07 جوان 2016

تتواصل المأساة في المتوسط وترتفع معها أعداد الموتى والمفقودين الذين تلتهمهم الأمواج محولة أحلامهم في غد - قد يكون أفضل في أوربا- إلى كابوس فقد قضى في محاولات العبور إلى الضفة الأخرى أي منذ سنة 2014 عشرة (10) آلاف مهاجر وهذا حسب تقرير للأمم المتحدة وإن كان يبدو هذا الرقم أقل بكثير عن عدد الضحايا الحقيقيين.
هكذا يتحول أولئك الضحايا إلى أرقام وكانوا قبل ذلك مجرد مقابل مالي في نظر تجار الموت الذين يستغلون حاجتهم في التنقل إلى الضفة المقابلة بمبالغ خيالية قد تكون في مرات أغلى من تكلفة السفر في يخوت فاخرة لينتهي بهم المطاف في الغالب لقمة سائغة للأمواج بعدما تم شحنهم كسمك السردين في قوارب لا تصلح حتى لعبور الوديان والجداول.
 إنها غريزة التشبث بالحياة التي قد تؤدي بالإنسان أحيانا إلى الهلاك والموت دون أن يشعر أو قد يكون ذلك في حالات كثيرة بسبق إصرار وترصد من أولئك المساكين عندما تصبح المعادلة المسيطرة عليهم هي “الموت من ورائكم والموت من أمامكم” وتصبح معها محاولة قطع البحار والمحيطات فسحة أو مجازفة ليس لديهم ما يخسرون فيها بعدما فقدوا كل شيء، هكذا هو حال المهاجرين غير الشرعيين أو كما يسميهم أولئك الذين يحاولون أن يجعلوا من ضحاياهم بالدرجة الأولى مجرد مجرمين يستحقون العقاب والسجن بتهمة محاولة البقاء على قيد الحياة وإزعاج أوروبا بالموت على شواطئها غرقى.
إن معضلة اللاجئين التي أصبحت تؤرق أوروبا (المتحضرة) وتسيء إلى سمعتها جعلت الحكومات في هذه القارة تعمل على مواجهة قوارب الموت من خلال اللجوء إلى سياسة الهروب إلى الأمام المتمثلة في إطلاق دوريات لقطع بحرية عسكرية لمنع قوارب تهريب اللاجئين من الإبحار نحو أوروبا وإيقافها في عقر دارها أي في الضفة الجنوبية والنتيجة كانت هلاك 700 مهاجر قبالة السواحل الليبية قبل أسبوع من الآن، ما يؤكد أن الحل ليس في ملاحقة ومراقبة قوارب الموت فقط ولكن في معالجة هذه المعضلة في العمق من خلال مواجهة الأسباب الحقيقية ـ التي أصبح يعرفها العام والخاص- والتي بمجرد علاجها بمسؤولية أخلاقية ستختفي قوارب الموت تلقائيا ولن تكون أوروبا حينها في حاجة إلى تحريك الجيوش والأساطيل من أجل اقتلاع غريزة البقاء التي تغذي تلك المغامرات غير المضمونة للالتحاق بها وهي المعادلة التي ستزيد من أعداد المهاجرين ان لم نعيد أمل الحياة في الضفة المقابلة وبهذا فقط سوف لن يضطر ساكنوها إلى البحث عن تلك الحياة بعيدا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024