لم يمض على تنصيب تشكيلة سلطة السمعي البصري إلا أيام قليلة، حتى بادرت الهيئة الجديدة بإعداد ورقة طريقها المتعلقة بتنظيم قطاع السمعي البصري في الجزائر، بعدما شغلت المشهد الإعلامي التلفزي العديد من القنوات والفضائيات دون قيود ولا شروط تجبرها على احترام أذواق المشاهدين، ولا ضوابط تنهاها عن تجاوز الخطوط الحمراء، سواء ما تعلق بالحريات الفردية أو الحياة الشخصية للأشخاص، فكثيرا ما صادفتنا بعض برامجها النشاز، وصل إلى حد الإساءة وسب رموز الجمهورية، كما حدث لواحدة من هاته القنوات التي استضافت إرهابي تائب وصل به الأمر إلى سب رئيس الجمهورية.
ومنها من وصلت وقاحتها التشكيك في ثورتنا المجيدة وتناولها بطريقة المسخرة والاستهزاء، وهي أساليب لا تمت بصلة إلى تقاليدنا وتربيتنا وثقافتنا الوطنية وموروثنا الديني وإرثنا التاريخي، وهي بذلك تتحول من منبر ترفيه إلى وسيلة تجريح. وقد لا أبالغ القول أن هناك من وصل بها الأمر إلى حد التشكيك في نعمة الاستقلال من خلال ما كانت تقدمه في بعض برامجها.
نقول هذا الكلام ليس من باب التطاول ولكنها الحقيقة التي وقفنا عليها طيلة انتقالنا من برامج إلى أخرى عبر بعض هذه القنوات، ناهيك عن غياب الاحترافية والمهنية والمصداقية في تناول الأخبار الوطنية والأمنية خاصة، فلا يعقل أن ينشر خبر عاجل ثم بعد لحظات يحذف، دون تقديم اعتذار للمشاهدين ولا إلى الجهة الأخرى، وكأننا في جعجعة من خلال التصادمات والأخبار المغلوطة المتداولة عبر شريطها اليومي للأخبار.
صحيح التعدد الإعلامي والمنابر المختلفة تصنع الفرجة نحوها، وتمنح المشاهد الفرصة الأكبر والأوفر لمتابعة ما يحلو له مشاهدته، لكن في ظل موانع وقيود واحترام الأذواق ومراعاة التركيبة الاجتماعية للمجتمع الجزائري في ظل الثوابت الوطنية، فلا يمكن المساس بأذواق المشاهدين أو تخطي عتبات المقدس وهو ما حدث في بعض هذه القنوات، التي لم تحترم هذه المعايير فنالت وبال أمرها وأصبحت حديث العام والخاص وصارت لها أسماء تحمل صفاتها في تناول الخبر والمعلومة سيان هي.
دفتر الشروط المحدد لنشاط هذه الوسيلة تترتب عليه ضوابط أدبية وأخلاقية في ظل احترام مبدأ المساواة في المعاملة والشفافية والاستقلالية، طبقا للتشريع والقوانين السارية المفعول، كما تترتب عليه نواقض وموانع، حري التوقف عندها، فكل بث للمعلومات السمعية البصرية تخص الوحدة الوطنية والأمن والدفاع الوطنيين تخضع لترخيص مسبق من السلطات المعنية.
كما يمنع التشهير بالدين أو الإشادة بالإرهاب مرورا بالعديد من المحطات.
ليس أمام هذه الوسائل إلا التكيف مع دفتر الشروط الموضوع أمامها والالتزام بنصوص مواده، دون التفكير في مخالفتها، أو خيار مغادرة المشهد السمعي البصري
