محطة للذكرى وتفاؤل بالغد القريب

نورالدين لعراجي
04 جويلية 2016

في رسالة بمناسبة عيد الاستقلال والشباب، اعتبر الرئيس بوتفليقة أن الفرصة مواتية لمراجعة ما فات واستشراف ماهو آت، معتبرا الرجوع إلى الماضي بمثابة واجب تذكر يجب الوفاء له إلى أن يظل الشعب الجزائري برمته وعبر أجياله المتعاقبة مثالا يقتدى به، لمعرفة ما تكبده أبناء شعبهم وأسلافهم من همجية وتصميم على طمس الثقافة ومحو الهوية، مشيرا في السياق ذاته، إلى أن الأمر نفسه تعرض له الأسلاف عبر العصور، حيث بلغت غطرسة المستعمر إلى حد نفيهم من أوطانهم إلى ما وراء المحيطات غير مبدلين ولا مخيرين، ناهيك عن أولئك الذين أقحموا في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وبقي تاريخ الكثير منهم مجهولا إلى غاية كتابة هذه الأسطر.
فرنسا الاستعمارية تمادت في غطرستها وهمجيتها إلى حد أنها تفنّنت في أساليب القتل فغيرت درجة تأهبها وجبروتها إلى حد تنفيذ مجازر في حق مئات الآلاف من السكان العزل، مازال التاريخ يذكرها إلى الآن، وما تلك التي حدثت في الثامن من ماي 1945 إلا واحدة من هذه الصور التراجيدية العالقة في الذاكرة الجماعية للأمة ووصمة عار في تاريخ فرنسا الاستعمارية المدافعة عن حقوق الإنسان.
إن ثورة نوفمبر كانت المنقذ والخلاص الوحيد لشعب عانى ويلات الاستعمار على مدار قرن ونصف، لذلك جاءت استثنائية، من حيث الحدث الباهظ الثمن الذي قدمه شعبنا الأبي حيث بلغ مليونا ونصف مليون من الشهداء وملايين الجزائريين الذين ذاق بعضهم عذاب المحتشدات والتهجير، ناهيك عن تعرض القرى والمداشر وأرزاق أصحابها إلى التدمير والحرق وأحيانا المسح من خريطة الوجود حقدا وجبروتا يحمله أبناء فرنسا الاستعمارية واللفيف الأجنبي ومعهم الحركى والقومية، وقد عاثوا فسادا في الأرض والنسل والحرث.
هذه الصور العديدة والمتباينة لا يجب أن تختفي من ذاكرة الأجيال، لذلك وجب تلقين تاريخنا والتعريف به أكثر فأكثر، لاسيما ما تعلق باسترجاع سيادتنا الوطنية، لأن التاريخ مصدر اعتزاز الأمة ووحدتها وهذه مهمة القائمين على التعليم والباحثين والأدباء والمثقفين.
اعتبر القاضي الأول في البلاد، أن الفرصة مواتية الآن للتذكير بالمسيرة التي قطعتها البلاد منذ الاستقلال إلى اليوم، من خلال الإنجازات المحققة وتجنب الأخطاء ثم التسلح بمزيد من العزيمة لمواجهة تحديات العصر.
محطات عديدة وقفت عندها رسالة الرئيس ولم تخل الأخيرة من التفاؤل بخروج البلاد من الأزمة، وفقا لما يبلغه من تعبئة وتوافق داخلي، وهذا من شأنه تحقيق الطمأنينة على نطاق واسع وهنا يتوقف على إدلاء الفاعلين السياسيين في الجزائر بدلوهم في النقاش وفي اقتراح الحلول، باعتبار أن الرهان ليس السلطة ولا المعارضة وإنما هو المصير الاقتصادي للبلاد ومصير الساكنة برمتها.
إن المعركة المنتظرة اليوم هي معركة مصير الجزائر، بالرغم من نقائص لا تنكر وهي ماثلة للعيان وهذا لا يعني الوقوف عندها عاجزين، بل يجب على شباب الوطن التشمير عن سواعده للانخراط في بناء اللبنة القوية للدولة من خلال دعم تنميتها واقتصادها والانخراط بكل العبقريات المؤهلة للتعبئة، من أجل تثمير ثروات البلاد المتعددة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19482

العدد 19482

الثلاثاء 28 ماي 2024
العدد 19481

العدد 19481

الإثنين 27 ماي 2024
العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024
العدد 19479

العدد 19479

السبت 25 ماي 2024