رسالة قوية في دلالاتها

جمال أوكيلي
10 جويلية 2016

تحمل رسالة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ٥٤ للاستقلال وعيد الشباب، دلالات عميقة تاريخيا وتشخيصا دقيقا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتحليلا واقعيا لأداء السلطات العمومية عبر كل هذه المراحل من المسيرة التنموية للبلاد.
هذه الحلقات مرتبطة إرتباطا وثيقا بين قيم النضال وإرادة البناء والتشييد، وعليه فإن الأجيال المتعاقبة مدعوة لأن تكون وفية لتضحيات الرعيل الأول من المقاومة الشعبية إلى الثورة التحريرية، وفق ما تم التشديد عليه بـ«واجب التذكر»، بمعنى أن استرجاع السيادة الجزائرية لم تكن أبدا هبة وهدية من عند الآخر، بل هو نتاج كفاح مرير كانت فاتورته باهظة، قدره المؤرخون ما بين ٨ و١٠ ملايين شهيد منذ أن وطأت أقدام هؤلاء الغزاة أرض الجزائر.
ولابد من قناة فعالة لتوصيل هذا العمل يكون عبر المنظومة التربوية والباحثين والمثقفين المخول لهم أن يترجموا هذا الإنشغال القائم على إيجاد الآليات اللازمة قصد وضع منهجية جديدة وبيداغوية مبدعة، من أجل التعامل مع مسألة التاريخ، بنقل المحطات المضيئة، والأحداث الفاصلة بأسلوب مغاير تماما لما يقدم اليوم في برامجنا التعليمية المتسم بـ«التعقيد» و«عدم القدرة على الاستيعاب» مما يؤدي إلى النفور أكثر منه إلى التحبيب.
وهكذا لم تخل الرسالة من الإشارة صراحة إلى «مراجعة دروس الماضي» و«تجنب ما حصل من الأخطاء، والتسلح بالعزيمة» وهنا تذكير هام بالإنجازات الكبرى للجزائر في شتى القطاعات الاستراتيجية (سكن، تعليم، فلاحة، مياه، طرقات، نقل، صحة، كهرباء وغاز) وحده كفيل بأن يكون ردا شافيا وإجابة وافية على أولئك الذين «يتساءلون عن مآل إيرادات المحروقات وفيما أنفقت».
هذا التسلسل في الفعل النموي، يحتم الوقوف لحظة تأمل، لمعاينة الواقع اليومي وهذا من خلال قراءة متفحصة ذات مغزى عميق يستدعي الأمر العودة إلى تلك المعالم الحاضرة بقوة في مسايرتنا لهذا لمسعى الوطني، المتوجه إلى الأجيال القادمة، وهي «القرارات الإحترازية» كالتسديد المسبق للمديونية الخارجية والكف عن اللجوء إلى القروض الأجنبية، وإعتماد الحذر في تسيير إحتياط الصرف الذي مكن من مواجهة الأزمة المالية.. والعمل بكل سيادة ما تستلزمه من التصحيحات واضعين في الحساب الواقع والوفاء للخيارات الاجتماعية، لذلك يحق لبلادنا أن تأمل بطمأنينة وتفاؤل خروجها من الأزمة المالية الحالية بل هي في المتناول.
هذه المؤشرات تترجم تلك الإرادة الفولاذية الوجودة لدى رئيس الجمهورية من أجل تجاوز الأوضاع المالية الراهنة نتيجة إنهيار أسعار النفط وإلقاء بظلالها على العملية الاقتصادية عندنا.
وبنظرة أكثر دقة فإن الجزائر قادرة على المرور إلى الضفة الأخرى، والخروج بأمان من هذه الحالة المتوجسة وهذا بفضل التحكم في خيوط الأزمة بشكل واضح من الناحية التقنية برفض الدعوات اليائسة الصادرة عن «أنصار الإستدانة» الذين حاولوا جر البلد إلى هذا الأخطبوط خلال الأشهر الماضية لإغراقها في مشكلة يصعب الخروج منها وفي نفس الوقت الإستعانة بالآليات العملية في هذا الشأن كالحوار الاجتماعي ضمن الثلاثية.
ولم يقص الشباب من هذا المسعى المسؤول بل أن هناك نداءا من الأعماق قصد إشراكه في كل المبادرات وبخاصة الوثبة الوطنية الخاصة بتحريك دواليب التنمية ليكون شريكا مباشرا، وصانعا لمحتواها في إطار رؤية شاملة تمكنه من القضاء على عوامل الأزمة ولا يتأتى إلا بالعمل ثم العمل والمثابرة والإنضباط، وهذا هو التفاعل المتواصل بين الأجيال من الجزائريين، للتحكم في الاقتصاد خاصة في الوقت الحالي، المتميز بالتأثيرات الخارجية الحساسة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024