تعتبر هجمات 20 أوت 1955 منعرجا هاما في مسار الثورة الجزائرية، حيث أعطت نفسا جديدا لثورة 1 نوفمبر 1954 التي حاول الاستعمار إخمادها في مهدها و القضاء على ما كانت تطلق عليه الإرادة الاستعمارية آنذاك بالتمرد وهي تعلم جيدا أن ذلك لم يكن مجرد تمرد و لكن شرارة ثورة شعبية أدّت لاحقا إلى تقويض الفلسفة التي كان يقوم عليها النظام الكونيالي ليس في الجزائر وحدها و لكن في كل القارة الإفريقية وهذا ما يفسّر بداية موجات التحرر الوطني في هذه القارة و يعطي تفسيرا في الوقت نفسه لازدياد الوحشية والبطش الذي لجأت إليه الإدارة الاستعمارية ضد الشعب الجزائري بسبب حالة الذعر والتخبط التي انتابتها.
إن هذه الهجمات كانت ـ بالفعل- محطة فارقة بين احتمالين لا ثالث لهما وهما إما أن تتمكن فرنسا من القضاء على الثورة في بدايتها وبالتالي القضاء على الفكر الوطني التحرري لقرن آخر سوف لن يتمكن خلاله الشعب الجزائري من مجرد رفع رأسه مجددا وهذا السيناريو الأسوأ الذي راهنت عليه الإدارة الاستعمارية و إما أن تستمر الثورة و تتسع وينتهي النظام الكونيالي دون رجعة و هذا السيناريو الذي حصل فعلا و بالفعل أخذت الثورة الجزائرية جرعة الأكسجين المطلوبة من أجل الاستمرار وازدادت ثقة الشعب بنفسه وبقادة ثورته التي دخلت في حقبة جديدة وهي مرحلة التنظيم والهيكلة التي تمخضت عن مؤتمر الصومام الذي كان بدوره محطة فارقة في هذه الثورة .
ليس من المبالغة اعتبار هجمات 20 أوت 1955 بمثابة معركة « ديان- بيان- فو» الجزائرية، حيث إنها استطاعت قلب المفاهيم والفلسفات التي كان يقوم عليها النظام الكونيالي وأكدت أن الثورة الجزائرية وإن كانت تحمل شيئا من المغامرة ولكن لم تكن عملا ارتجاليا ولا انتحارا جماعيا، لأن الشعب الجزائري قبل التحدي، تحدي الموت والاستشهاد من أجل الوطن و من أجل أن تنعم أجيال قادمة بالحرية والاستقلال لهذا كانت بالفعل هجمات 20 أوت 1955 بمثابة معركة ديان بيان فو جزائرية من حيث الاستراتيجية والأبعاد التي تحققت في كليهما، فإن كانت معركة «ديان بيان فو» أنهت النظام الكونيالي في فيتنام فإن هجمات 20 أوت 1955 كانت بداية لنهاية هذا النظام الهمجي الذي لُفَّ حبل المشنقة حول رقبته يوم 1 نوفمبر 1954 وأُعدم يوم 05 جويلية 1962.
