احـــترافية الجـــمهور..

محمد مغلاوي
29 أوث 2016

يقولون إن بلادنا بها 40 مليون مدرب كرة قدم، تعبيرا عن عشق الجمهور الجنوني لهذه الرياضة، ومعرفته بكل كبيرة وصغيرة تخص اللعبة الأكثر شعبية في العالم.
تجده في كل مناسبة كروية يحلل ويناقش ويعطي الآراء والانتقادات، ولا يسلم منه لا مسؤول النادي ولا المدرب ولا اللاعبون، وعندما يلعب المنتخب الوطني تزداد حمى وجهات نظره وأحكامه على أداء اللاعبين وخطة المدرب ونتيجة المباراة، لأنه بكل بساطة يحب الفوز واللعب النظيف والأداء الجيد والاحترافية في التعامل مع الخصم.
هذا الجمهور لا يجد حرجا أحيانا في مقارنة مستوى أنديتنا بالفرق العريقة في أوروبا، ويمني النفس أن يرى ببطولتنا أهدافا مثل أهداف ابراهيموفيتش، ومستوى جيدا مثل مستوى ريال مدريد وبرشلونة، واحترافية كبيرة مثل احترافية مانشستر يونايتد وتشيلسي، وروحا رياضية عالية مثل ما هو موجود في الليغا والكالشيو والشمبيونزليغ..
لكن التساؤل المطروح هنا، لماذا بعض من هذا الجمهور الذي يعشق مستوى ليستر سيتي واحترافية أرسنال وطريقة تشجيع بروسيا دورتموند، لا يكون محترفا في تشجيعه بالملاعب الوطنية ويتقبل الهزيمة بكل روح رياضية مثلما تفعله أغلب جماهير أندية أوروبا؟ ولماذا لا يناصر بكل أدب وهدوء ويحترم الخصم ومشجعيه داخل الملعب وخارجه؟ أم أنه يُعجَب باحترافية غيره وينبهر بروح رياضتهم، ولا يريدها لنفسه أو يسعى إليها في تصرفاته؟؟!!
أليست كرة القدم مجرد لعبة يحكمها منطق الفوز والخسارة، يفرح المناصر للفوز ويتقبل الهزيمة بصدر رحب؟ ثم أليست كرة القدم هي قبل كل شئ أخلاق وتربية وفرجة ومتعة وترفيه، ولم تكن يوما حلبة للملاكمة والاعتداء والضرب؟ أليست كرة القدم هي رياضة للتعارف واللقاء والمحبة والإخاء، ولم تكن يوما للعداوة والبغضاء والتعصب؟ أليست مباريات كرة القدم فرصة لإعطاء نظرة إيجابية عن البلدان وتسويق تحضّر شعوبها وأخلاق جماهيرها، بعيدا عن العنف والشجارات والتكسير وحصد الأرواح؟
عندما يترسخ هذا التصور والتفكير لدى مشجعي «الجلد المنفوخ»، لن تكون ملاعبنا عندها في حاجة لرجال الشرطة من أجل تأمين المباريات، ولن تجد الأندية صعوبة في التنظيم والتأطير، وستصبح المقابلات موعدا ينتظره الجميع للفرجة والمرح والفرح، وليس للتعصب والشغب.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19482

العدد 19482

الثلاثاء 28 ماي 2024
العدد 19481

العدد 19481

الإثنين 27 ماي 2024
العدد 19480

العدد 19480

الأحد 26 ماي 2024
العدد 19479

العدد 19479

السبت 25 ماي 2024