لم يعد التصدير المنتظر أن تقتحمه الآلة الإنتاجية الوطنية في المرحلة الراهنة، بعد دخول النموذج الاقتصادي حيز السريان، شعارا يرفع بل صار حتمية تتطلب التجسيد العاجل من طرف المؤسسة الاقتصادية، بشكل جماعي وليست منفردة، وكنسيج مؤسساتي مكثف ليترك بإنتاجه أثرا على الأسواق الخارجية، ويترجم كل ذلك ضرورة التواجد المستمر غير المنقطع لفعل التصدير خارج قطاع المحروقات، على اعتبار أن من لا يصدر ما ينتج، سوف يختفي من الساحة في آفاق 2020 و 2025، حيث يصعب استمراره في العطاء بفعل المنافسة الشديدة، والذكي من يبدأ اليوم حتى لا يترك مكانه لمنافسين آخرين، ولو عن طريق تسويق كمية قليلة، المهم في كل ذلك أن يفتك حصة من الأسواق الخارجية، قبل فوات الأوان.
صحيح أن الجزائر حسمت في خيار التصدير خارج قطاع المحروقات ووضعته في صدارة قائمة الأولويات، لكن الإستراتجية الدقيقة وتبسيط فعل التصدير، بات من الضروريات، حتى لا يبقى أمام المؤسسة الإنتاجية عذر أي التأخر عن قاطرة التصدير، التي ينتظر أن تقلع على المدى القريب بوتيرة معقولة تتناسب مع الإمكانيات المادية التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني، والقدرات الانتاجية المعتبرة والموارد البشرية الخلاقة للقيمة المضافة. لذلك المفروض أن الحديث عن المشاكل التقنية والإدارية، لن يطرح مستقبلا، حتى تتفرغ المؤسسة لمهمة ترقية المنتوج الاقتصادي فينصب اهتمامها أكثر على الابتكار والتحكم في تقليص الكلفة الانتاجية وترقية جودة ما تعرضه في الأسواق الخارجية.
في ظل هذه المرحلة الجديدة، يمكن أن يستفاد فيها من تجارب الدول التي خاضت التجربة ونجحت في التموقع داخل أسواق كانت تبدو صعبة بل ومعقدة، ولم تعد المسافات مخيفة أو معيقة للمصدر المحترف، الذي يعرف كيف يصل إلى المستهلك في أبعد نقطة من العالم، فخوض المعركة وملامسة التجربة والتشبث بفعل التصدير، ينبغي أن يتكرس كثقافة لدى المؤسسة الاقتصادية الوطنية، سواء كانت خاصة أم عمومية، كون النجاح في التصدير يعكس كذلك مستوى النجاعة الذي قفزت إليه المؤسسة القابلة في هذه الحالة إلى مضاعفة إنتاجها والرفع من عدد عمالها وتنفتح شهيتها للاقتراب من أسواق جديدة تسمح لها بتعميق الاستثمار وخلق الثروة والمساهمة في القيمة المضافة.. إذًا الذكي من يبدأ اليوم في رصد الأسواق وولوجها.. لأن التحدي لا يقبل التأجيل.
