دستور لا رئاسي ولا برلماني

¯ يكتبها: توفيق يوسفي
08 أفريل 2013

يستمد التعديل المرتقب للدستور أهميته من كونه يأتي في سياق مرحلة هامة وحساسة تجتازها البلاد، مرحلة تفرض اعتماد تغييرات معينة والتزود بآليات أكثر ملاءمة للمرحلة القادمة التي تنتظر المجتمع من أجل تجسيد التغيير الهادئ الذي تبنته منذ أكثر من سنتين.
في الواقع، ظل التعديل الدستوري ضرورة حتمية منذ أكثر من عقدين بسبب فشل النظام في تجسيد التحول السياسي المعتمد في دستور ٨٩ الذي لم يكن سوى نتيجة منطقية لأحداث ربيع ٥ أكتوبر ٨٨، وقد أثار رئيس الجمهورية منذ مجيئه في ٩٩ رغبة في إجرائه غير أن ظروف البلاد الخاصة في تلك الفترة فرضت إرجاءه.
أما اليوم فإن ضرورة إطلاق هذا التعديل أصبحت ملحة، داخليا وخارجيا، فمن جهة نجد أن البلاد بعدما استعادت استقرارها بنسبة كبيرة بفضل نجاحها في مكافحة الإرهاب ومعالجة الأزمة الأمنية، تحتاج لمراجعة بعض التوجهات والخيارات بما يُمَكّنها من تدارك ما ضيعته خلال العقدين الماضيين وتجسيد تحولها السياسي والديمقراطي تجسيدا صحيحا، وتحصين نفسها من الوقوع في نفس الانزلاقات.
ومن جهة أخرى، فإن المتغيرات الدولية الراهنة لاسيما التحولات السياسية الجارية في بعض البلدان العربية تضغط أيضا باتجاه اعتماد قانون أساسي أكثر حصانة ومتانة، يوفر الآليات الملائمة لمواكبة المستجدات المتسارعة التي يشهدها العالم، ولإزالة أي ذريعة قد تستغل لتهديد الأمن القومي أو الوحدة الترابية للوطن.
وبما أن الخيار أضحى محسوما فإن النقاش الذي يشهده المجتمع هذه الأيام يتمحور أساسا حول طبيعة النظام السياسي الواجب اعتماده حيث يتواصل الجدل بين أنصار النظام الرئاسي وأنصار النظام البرلماني.
غير أن فقهاء القانون الدستوري والضالعون في نظم الحكم السياسي والممارسة السياسية، والملمون بالتطور التاريخي للمجتمع الجزائري يرون أن النمط الذي يجمع بين النظامين هو الأنسب في المرحلتين الحالية والمقبلة، حيث يستبعدون اعتماد النظام الرئاسي المطلق بالنظر لطبيعة وتركيبة شخصية المجتمع الجزائري، وفي الوقت نفسه يرون أن الطبقة السياسية في الوقت الحالي تبقى هشة وغير مؤهلة لتضطلع بالدور الهام الذي يقتضيه النظام البرلماني.
زيادة على أن النظام شبه الرئاسي وشبه البرلماني ينسجم أكثر مع ثوابت الأمة والقيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع، والتي تبلورت عبر مختلف مراحل تاريخه الطويل، وحضارته العريقة، ورؤيته المستقبلية التي يتقاسمها أغلب المواطنين الجزائريين.
لذلك علينا دائما البحث عن الحقيقة كاملة..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19832

العدد 19832

السبت 26 جويلية 2025
العدد 19831

العدد 19831

الخميس 24 جويلية 2025
العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025