رجل وفيّ للجزائر..

جمال أوكيلي
15 أفريل 2013

امتاز المرحوم علي كافي طيلة حياته بالصراحة، تجاه كل الأحداث السياسية والأمنية التي عاشتها الجزائر.. وبالرغم من توليه رئاسة المجلس الأعلى للدولة، إلا أنه كان يعبّر عما كان دائما يختلج في صدره ألا وهو رؤية الجزائر في مصاف الدول الكبرى.. وتأكد ذلك من خلال تشديده على إنشاء لجنة إستشراف تضع منطلقات تصور الجزائر خلال الألفية.. أسندت إلى الأستاذ المرحوم جيلالي اليابس.
هذا هو الإنشغال الذي ظل يراود ذهن كافي إدراكا منه بأن جزائر الثورة مطلوب منها أن ترتقي إلى مكانة أقوى.. وهذا بواسطة إيجاد ذلك الإطار الذي يستقبل الجميع خاصة ما تعلق بالكفاءات العلمية التي كان في كل مرة يدعو إلى التكفل بها لأنها مستقبل الجزائر.. وكذلك فتح لها كل الفضاءات لتفتيق عبقريتها.. مؤكدا على ضرورة رفع الاحتكارات مهما كانت طبيعتها حتى ينمو المجتمع طبيعيا.. ويجد كل الآليات التي تجعله مستقرا.
هذا الرجل الذي ساير الجزائر من الثورة إلى الإستقلال، أي من التحرير إلى البناء.. كان شاهدا حيا على كل الأحداث التي كان الوطن مسرحا لها.. ولم يقل سوى كلمة خير كونه عاش وعايش استعمارا إستيطانيا غاشما، أراد محو الإنسان الجزائري، وهذه «التجربة» التي أثرت فيه كثيرا.. سمحت له حقا بأن يسعى من أجل التحلي بالنظرة البعيدة المدى التي تظهر مقاومة الشعب الجزائري لأعتى قوّة إستعمارية قضت على الأخضر واليابس.
ولم يكن كافي يريد الإساءة لأحد في كتاباته التاريخية، وإنما رغب في إعطاء الأحداث كما هي.. حتى وإن كانت قاسية أحيانا.. وبالرغم من الحملة التي شنّت ضده.. إلا أنه سعى من أجل عدم مجاراة مثل هذه التشنجات ملتزما الصمت.. وتفادي الجدل العقيم.. والسفسطة والأحكام المسبقة والخلفيات التي حقا كانت تعمل على تشويه سمعة الرجال إلحاق الضرر المعنوي بهم.. كافي رفض أن يردّ على كل هذه الإتهامات الباطلة.. مفضلا البقاء بعيدا عن كل هذا اللغط حتى لا يدخل في نقاش لا طائل من ورائه لا يخدم الجزائر أبدا.. وبخاصة الثورة الجزائرية.
وبقي كافي وفيا للجزائر ومبادئ ١ نوفمبر، ومنذ مغادرته المجلس الأعلى للدولة.. وكتابه الأخير لم يظهر كثيرا.. إلا في المناسبات الوطنية (ذكرى اندلاع الثورة، أو عيد الاستقلال)، وهذا رفقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.. وكل من الرئيس المرحومين أحمد بن بلة، والشاذلي بن جديد، إنها لحظات مؤثرة في مسيرة الشعب الجزائري.. الذي فقد رجلا عزيزا أعطى كل ما لديه لهذا الوطن الغالي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024